كانت هجرته صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، ودخوله لها في 12ربيع الأول سنة 622م، وكان خروجه صلى الله عليه وسلم من مكة يوم الخميس أول يوم من ربيع الأول، وقدم المدينة لاثنتي عشرة خلت منه، وذلك يوم الإثنين الظهر لثلاث وخمسين سنة من مولده 28 يونيه 622م(24).
والهجرة النبويَّة حدث عظيم في تاريخ الأمة الإسلامية؛ لأنها كانت الخطوة الأولى في بناء الدولة الإسلامية؛ لذلك حرصت قريش أن لا يتم ذلك، وجاهدت في محاولة منع النبي صلى الله عليه وسلم من الوصول إلى المدينة، وحدث الهجرة أهمُّ عند الصحابة ي من حادث مولده صلى الله عليه وسلم بدليل أنهم حينما أرادوا أن يجعلوا للمسلمين تاريخًا خاصًّا بهم، نظروا في أعظم الأحداث التي يمكن أن يؤرخوا بها، فخيَّرهم الفاروق عمر رضي الله عنه بين حادثتين لا ثالث لهما، وهما: الهجرة والبعثة، ولم يعتبروا مولده صلى الله عليه وسلم من الأهمِّية التي تجعله حدثًا يؤرخون به.
الدروس المستفادة من حادث الهجرة:
1- كان حدث الهجرة المبارك نقطة تحول في التاريخ الإسلامي، فقد حوَّلت مجرى التاريخ، وغيرت مسيرة الحياة ومناهجها التي كانت تحياها وتعيش محكومة بها في صورة قوانين ونظم وأعراف وعادات وأخلاق وسلوك للأفراد والجماعات وعقائد وتعبدات وعلم ومعرفة وجهالة وسفالة وضلال وهُدى، وعدل وظلم(25).
2- تعتبر الهجرة من أهم الأحداث في تاريخ الدعوة الإسلامية، فقد كان المسلمون قبلها أمة دعوة يبلغون دعوة الله للناس دون أن يكون لهم كيان سياسي يحمي الدعاة أو يدفع عنهم الأذى من أعدائهم. وبعد الهجرة تكونت دولة الدعوة، وأخذت على عاتقها نشر الإسلام في داخل الجزيرة العربية وخارجها.
3- ظهر بوضوح وجلاء كيف أن العقيدة الصحيحة السليمة من الشرك سبب من أسباب إزالة العداوات والضغائن، وفي التأليف بين القلوب والأرواح، وهو دور لا يمكن لغير العقيدة الصحيحة أن تقوم به، فجمعت بين الأوس والخزرج وأغلقت باب الضغائن والمكائد وفتحت باب المحبة والمودة بين الناس(26).