أحواله صلى الله عليه وسلم مع زوجاته في رمضان: من تتبع حاله صلى الله عليه وسلم مع زوجاته في رمضان علم مدى التوازن الضخم الذي كان محققاً له صلى الله عليه وسلم في حياته؛ إذ كان صلى الله عليه وسلم كما وصف نفسه: «إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا» [42]، «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي» [43]. وتبرز أحواله مع أهله مما يلي:
* تعليمهن: ومن ذلك: أن عائشة قالت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: «قولي: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني» [44]، وحديثها أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال، وكان بلال يؤذن حين يرى الفجر»[45]، بل إن إخبارهن بجانب من عشرتهن وما علمنه من حاله صلى الله عليه وسلم كان طريق الأمة لمعرفة كثير من هديه صلى الله عليه وسلم في رمضان وذلك لا يخفى.
* حثه صلى الله عليه وسلم لهن على فعل الخير وإتيان العمل الصالح؛ حيث أرسل إليهن للصلاة مع الناس خلفه [46].
من هذه الآثار ندرك حكمة من حِكَم تعدد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وكثرتهن مع انشغاله بأمر الأمة؛ فقد كان ذلك جزءاً أساساً من عملية إرشاد الأمة وتعليمها الإسلام كافة بكل جوانبه الشمولية، ولم يكن شيء من ذلك يتحقق لولا عنايته عليه الصلاة والسلام بتعليمهن: إرشاداً وتوجيهاً وإجابة وبياناً وترغيباً وترهيباً. وهذا فوق أنه منطلق دعوي مهم، فهو رعاية للمسؤولية الأولى، وحفظ لكيان البيت والأسرة من الجهل والكسل، فَحَيَّ على أسركم يا أتباع محمد صلى الله عليه وسلم و{قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم:6].
* حسن عشرته صلى الله عليه وسلم لهن. ومن الأمور الدالة على ذلك:
1- مواقعته صلى الله عليه وسلم لهن في غير العشر الأواخر، يشهد لذلك حديث عائشة قالت: "كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله"[47]، قال ابن حجر: "قوله: شد مئزره: أي: اعتزل النساء" [48].
2- تقبيله صلى الله عليه وسلم لزوجاته ومباشرته لهن وهو صائم، قالت عائشة: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبِّل في شهر الصوم" [49]، وسألها الأسود و مسروق: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر وهو صائم؟ قالت: "نعم، ولكنه كان أملككم لإربه" [50].
3- مراعاته صلى الله عليه وسلم لهن وحرصه على الاستقرار الأسري؛ إذ ترك الاعتكاف في سنة كما تقدم، خشية على نسائه من أن يقع بينهن أو في نفوسهن شيء [51].
4- زيارة نسائه صلى الله عليه وسلم له في معتكفه وتبادله الحديث معهن ساعة، وخوفه صلى الله عليه وسلم عليهن وحمايته لهنَّ، قالت صفية: "كان صلى الله عليه وسلم في المسجد وعنده أزواجه فَرُحْن، فقال لصفية بنت حيي: لا تعجلي حتى أنصرف معك، وكان بيتها في دار أسامة، فخرج صلى الله عليه وسلم معها" [52].
5- اعتناؤه صلى الله عليه وسلم بمظهره وتنظيفه لجسده.
فأين هذا ممن حظ أهله من أخلاقه أسوؤها، ومن أوقاته آخرها، ومن تفكيره فضلته، ومن اهتمامه ثمالته... حتى ما عادوا يطمعون في بره، ولا يأملون في خيره؟! ثم هو يرجو منهم براً وإحساناً! إنك لا تجني من الشوك العنب!.
* خدمة نسائه صلى الله عليه وسلم له، ومن ذلك: تغسيل زوجه صلى الله عليه وسلم رأسه وترجيلها لشعره وهو صلى الله عليه وسلم معتكف كما عرف، وضرب زوجه الخباء له صلى الله عليه وسلم في المسجد ليعتكف فيه[53]، وضرب زوجه الحصير له صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه وطيها له [54]، ومنه: إيقاظ أهله صلى الله عليه وسلم له، كما في حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أُريت ليلة القدر، ثم أيقظني بعض أهلي فنسيتها، فالتمسوها في العشر الغوابر» [55].
* إذنه صلى الله عليه وسلم لزوجاته بالاعتكاف معه.
* قيامهن ببعض العبادات معه صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك:
1- الاعتكاف؛ والظاهر أن غالب زوجاته لم يكن يعتكفن معه صلى الله عليه وسلم في حياته، أما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فالظاهر اعتكافهن بعده، يدل لذلك حديث عائشة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده" [56].
2- قيام الليل في بعض ليالي رمضان جماعة في المسجد، يدل لذلك حديث أبي ذر، وفيه: "ثم لم يصلِّ بنا حتى بقي ثلاث من الشهر وصلى بنا في الثالثة، ودعا أهله ونساءه فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح، قلت له: وما الفلاح؟ قال: السحور" [57].
* زواجه صلى الله عليه وسلم ببعض نسائه في رمضان. كزينب بنت خزيمة أم المساكين [58]، و حفصة، و زينب بنت جحش، [59].
وبعد: فإن من أوكد الواجبات بداية الرجل عموماً والداعية خصوصاً بتعليم أهله وقرابته، قال تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، وإذا كان إنفاق الرجل على أهله أفضل من الصدقة وأعظم منها أجراً [60]، فإن تعليمه وحسن معاملته لهم أفضل وأعظم أجراً من تقديم ذلك لغيرهم مع الأهمية في كلٍ، فنحن بحاجة إلى إحياء شعار: "ابدأ بمن تعول" [61]، مع بَعْثِ منهج التوازن والوسطية النبوية التي لا تهمل جانباً على حساب آخر.
رابعاً: أحواله صلى الله عليه وسلم مع أمته في رمضان: حاله صلى الله عليه وسلم مع أمته في رمضان هو جزء لا يخرج عن الصورة العامة لهديه في سائر العام، مع مزيد توجيه وتعليم فيما يخص رمضان، وقد تقلب صلى الله عليه وسلم مع صحابته في هذا الشهر بين أحوال عدة، جملتها فيما يأتي:
* تعليمه صلى الله عليه وسلم لأصحابه. ومن ذلك: حديث شداد بن أوس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على رجل بالبقيع، وهو يحتجم، وهو آخذ بيدي، لثماني عشرة خلت من رمضان، فقال: «أفطر الحاجم والمحجوم» [62].
والتعليم مهمة الأنبياء وأتباعهم، قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً، ولكن بعثني معلماً ميسراً» [63]، وقال الأسود بن يزيد: "أتانا معاذ بن جبل اليمن معلماً وأميراً" [64]، وهي مهمة شريفة عليَّة الرتبة، بها يرتفع شأن صاحبها، ويعظم أجره، ويزيد برُّه، ويعم خيره، ويبقى ذكره... وللدعاة في رمضان فرصة دعوية سانحة حريّة بالاغتنام مع بذل غاية الجهد في تعليم الناس وتفقيههم وتعريفهم حقيقة الإسلام والإيمان، واستغلال إقبالهم على المساجد في استصلاح قلوبهم وأعمالهم.
* إرشاده صلى الله عليه وسلم لأصحابه وتوجيهه ووعظه لهم. ومن ذلك: حديث ابن عمر قال: «اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان، فاتُّخِذَ له فيه بيت من سعف، قال: فأخرج رأسه ذات يوم، فقال: إن المصلي يناجي ربه عز وجل فلينظر أحدكم بما يناجي ربه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة» [65].
* تحفيزه صلى الله عليه وسلم لأصحابه على المبادرة في العمل الصالح وبيان ثواب ذلك لهم. ومنه: حديث أبي هريرة في الحث على الصيام، وفيه: «والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها» [66].
وتحفيزه صلى الله عليه وسلم دليل على حرصه على نفع صحبه الكرام، وعلى أن النفوس مهما بلغت من الكمال والمسابقة في الخيرات لا تستغني عن النصح والتوجيه ترغيباً وترهيباً. وقد أفرط قوم في ذلك فصار حديثهم يكاد لا يخرج عن ذلك في رمضان وغيره! حتى ألفته النفوس وملَّته، وفرّط آخرون فصار حديثهم جافاً غليظاً لما أهملوا خطاب القلوب وتحريك العاطفة، في الوقت الذي أهمل فيه الأولون خطاب العقل وتحريك الفكر. ومنهج القرآن بين هذين، فليكن لأتباعه منهجاً.
* إفتاؤه صلى الله عليه وسلم لمن سأله من أصحابه، وعدم معاتبته لمن أذنب وجاء تائبا مستفتياً. فعن عائشة قالت: «أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد في رمضان، فقال: يا رسول الله! احترقت احترقت! فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأنه؟ فقال: أصبت أهلي، قال: تصدَّق، فقال: والله يا نبي الله! ما لي شيء وما أقدر عليه، قال: اجلس فجلس، فبينا هو على ذلك أقبل رجل يسوق حماراً عليه طعام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أين المحترق آنفاً؟ فقام الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدق بهذا، فقال: يا رسول الله! أغيرنا؟ فوالله! إنا لجياع ما لنا شيء! قال: فكلوه» [67]، ومثله حديث سلمة بن صخر الأنصاري [68].
وهذا الموقف وأشباهه في حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم داع لحَمَلةِ رسالته أن تمتلئ قلوبهم رحمة بالمدعوين تورث رقة في التعامل معهم، ورفقاً بسائلهم، وشفقة على مذنبهم. تلك الميزة التي تضعف لدى بعض المنتسبين للعلم والدعوة والإصلاح حيث يظنون أن المقصر لا يستحق إلا التوبيخ والتقريع والذم والإسقاط جزاء تقصيره، ويغيب عن أذهانهم هديه صلى الله عليه وسلم وصنيعه مع من واقع زوجته في رمضان، وغير ذلك كالذي بال في المسجد، والذي تكلم في الصلاة؛ بل حتى مع من طلب الإذن له بالزنا! والدافع إلى ذلك كله الرغبة في هداية الخلق ورحمتهم والعطف عليهم. ويتأكد الأمر في رمضان حين يقبل عامة الناس على المساجد، وتكثر أسئلتهم عن أحكام الصيام، وعما اقترفوا من الذنوب.. إن هؤلاء يفتقرون إلى قلوب حانية رقيقة تمسح موضع الداء بلطف، وتعالجه برفق وتخفف المصاب حتى يظهر للمخطئ الصواب، فيعود إليه.
* إمامته صلى الله عليه وسلم بالناس. وقد أَمَّ أصحابه في قيام الليل في بعض ليالي رمضان، وما منعه من الاستمرار إلا خشيته صلى الله عليه وسلم من أن تفرض عليهم فيعجزوا عنها.
* خطبته صلى الله عليه وسلم فيهم وحديثه إليهم عقب بعض الصلوات [69].
* جعله صلى الله عليه وسلم من نفسه قدوة لأصحابه، ومن الدلائل على ذلك:
1- خروجه صلى الله عليه وسلم إلى المسجد ليصلي فيه من الليل، كما في حديث عائشة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد وصلى رجال بصلاته..." [70].
2- اعتكافه صلى الله عليه وسلم لتحري ليلة القدر، وحثه لأصحابه على ذلك.
* إفطاره صلى الله عليه وسلم في السفر بعد العصر ليراه أصحابه، وذلك بعد أن بلغ بهم الجهد مبلغه.
إن بإمكان الداعية أن يدبج خطباً رنانة ومواعظ بليغة لكنها لن تجد طريقها إلى القلوب كما لو رأت العيون ذلك برؤيتها تطبيق ما سمعت الأذن.
* رحمته صلى الله عليه وسلم بأصحابه. ومن الأمور الدالة على ذلك:
1- أمره صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالإفطار في السفر قبل ملاقاة العدو، فعن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس في سفره عام الفتح بالفطر، وقال: تقووا لعدوكم. وصام رسول الله صلى الله عليه وسلم» [71].
ومن رحمته: نهيه صلى الله عليه وسلم لأصحابه عن الوصال رحمة بهم، وحثه صلى الله عليه وسلم لأصحابه على تعجيل الفطر وتناول السحور، وتركه صلى الله عليه وسلم الصلاة بأصحابه جماعة في قيام الليل خشية من أن تفرض عليهم، وتخفيفه صلى الله عليه وسلم الصلاة حين كان إماماً بهم.
* حثه صلى الله عليه وسلم لأصحابه على طهارة النفس وتوقي الذنوب. ولذا قال: «رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر»[72].
لقد توجهت عناية كثير إلى إصلاح الظاهر والشدة فيه وإنكار المعاصي والذنوب الجليَّة، مع ضعفٍ في تناول ذنوب القلب وأمراضه التي تورث ذنوب الجوارح، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» [73]، وهذا يعني أن من الصعب النجاح في إصلاح الظاهر ما لم يُعتن بالباطن العناية التي يستحقها مع تجنب إهمال الظاهر، حتى يتهيأ لنظرة الرضى من الرب تعالى؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» [74].
* مخالطته صلى الله عليه وسلم لأصحابه واستماعه إليهم وعدم ترفعه عنهم. ومضى من هذا كثير.
ومخالطة الداعية للناس شرط لا يتحقق التأثير والإصلاح بدونه. والمخالطة ليست مرادة لذاتها، وإنما لما تثمره من تعليم للخير، وتوجيه نحو الصواب والأفضل، وتصحيح للمفاهيم، ووقوف على الخطأ، وتهذيب للسلوك، ومعاونة على الخير وتقوية لأهله، فالمهم هو المخالطة الواعية الموظَّفة توظيفاً حسناً. كما أن من المهم أن لا يستغرق الداعية في المخالطة حتى تذهب الهيبة، وتفقد المخالطة روحها، وحتى ينسى نفسه وأهله، ولذا اعتنى الداعية الأول صلى الله عليه وسلم بالاعتكاف؛ لما يحقق من عزلة وخلوة لا غنى للداعية الرصين عنها. فليتوازن الداعية، والله المعين.
* تأديبه صلى الله عليه وسلم لمن خشي عليه التعمق، كما واصل بمن أبوا إلا الوصال [75]. إن شريعة الإسلام شريعة اليسر والسهولة «ولن يشادّ الدين أحد إلا غلبه» [76]، ولطالما تواردت النصوص على هذا الأصل: أصل التيسير ورفع الحرج... وهذه خاصية الدين الواقعي الملائم للفطرة، والذي أراد الله لهالبقاء حتى تقوم الساعة.
وتنكيله صلى الله عليه وسلم بمن أرادوا الوصال ينسجم مع ذلك الأصل؛ إذ خشي صلى الله عليه وسلم عليهم العنت والمشقة، لكن لما كانت بعض النفوس لا يكفيها الكلام احتاج صلى الله عليه وسلم إلى العقوبة، ولم تكن تلك العقوبة على أمر محرم، فلو كان محرماً ما فعلوه، ولما أقرّهم عليه، بل إنه زادهم من *** ما رغبوا فيه، حتى يدركوا الفرق بينهم وبينه صلى الله عليه وسلم.
* استقباله صلى الله عليه وسلم لمن وفد عليه. قال ابن إسحاق: "وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من تبوك، وقدم عليه في ذلك الشهر وفد ثقيف" [77].
إن مخالطته صلى الله عليه وسلم للناس في رمضان صفحة من جهده الدعوي فيه، وهو ما يحتاجه الدعاة للتأسي به.
* أمره صلى الله عليه وسلم لأصحابه بإخراج زكاة الفطر من رمضان.
* إيكاله صلى الله عليه وسلم بعض الأعمال إلى أصحابه، كما وكّل أبا هريرة بحفظ زكاة رمضان [78].
وفي هذا تخفيف من الجهد عليه؛ لأن الشخص بمفرده لا يطيق القيام بجميع المهام، فلا مفرّ من توكيل الآخرين وتفويضهم في القيام بالأعمال وإنجاز المهام، وهذا يعكس في الوقت نفسه ثقة الداعية في أصحابه، وهكذا كان صلى الله عليه وسلم يعامل صحبه الكرام، حتى كانوا رجال أمة ودولة.
وأخيراً: فأحسب تلك الصفحات قد أطلعتنا على جزء يسير من سيرته العطرة صلى الله عليه وسلم. فما أمسَّ حاجتنا إلى التنعم في ظل سيرته صلى الله عليه وسلم والعيش مع أخباره، والتعرف على أحواله، وترسم هديه وطريقته... كيف لا؛ وذلك الطريق هو السبيل الأوحد لنيل محبة الخالق تعالى والقرب منه، كما قال عز وجل: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [آل عمران: 31].