إن الحمد لله ، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
*
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء:1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب:70-71].
أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتاب الله عز وجل، وخير الهدي هدي محمدصلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار؛ وبعد.
ما أسرع تصرم الأيام، وتعاقب الأزمان.
فبالأمس ودعنا رمضان؛ وها نحن اليوم نستقبله.
وهكذا أصبحت عملية الدنيا تدور بسرعة مذهلة.
فأصبحت السنة كالشهر، والشهر كالأسبوع، والأسبوع كاليوم...
الأمة الآن تستقبل ضيفا كريما، وموسما عظيما؛ جعله الله مَيدانا يتنافس فيه المتنافسون، ومضمارا يتسابق فيه الصالحون، ومجالا لتهذيب النفوس، وتزكية القلوب.
شهر رمضان، شهر الصيام والقرآن، شهر القيام والإحسان، شهر الجود والغفران.
فأين المشمرون المسابقون؟
أين الصالحون المتقون؟
بل أين المذنبون، والعاصون؟
و أين المفرطون المقصرون؟
هذا زمان التوبة والاستغفار، وأوان الرجعة والانكسار.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِين»[1].
وروى الترمذي بسند صحيح عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، ويَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَللهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ»[2].
إن رمضان - عباد الله - مزرعة للآخرة فهل من زارع؟!
إن رمضان - عباد الله - فرصة للتائبين فهل من تائب؟!
ففي الصيام - عباد الله - تحقيق، وتربية، وتعويد.
تحقيق للتقوى، وتربية على حسن الخلق، وتربية على حسن الاستجابة لأوامر الله، وتعويد النفس على الصبر والمجاهدة.
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة:183].
وفي الصيام حث ودعوة.
حث على الرحمة، ودعوة إلى المواساة، وقد قيل ليوسف عليه السلام: أتجوع وأنت على خزائن الأرض؟! فقال: إني أخاف أن أشبع فأنسى الجائع!!
اعلموا - عباد الله - إن أعظم الأعمال في هذا الشهر الكريم الصيام.
فصيام يوم واحد يباعد صاحبه عن النار سبعين سنة.
روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ بَعَّدَ اللهُ وَجْهَهُ، عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا[3]»[4].
فإذا كان صوم يوم واحد يباعدك عن النار سبعين سنة فما بالك بصوم شهر كامل؟؟
والصيام طريق إلى الجنة، وباب من أبوابها.
روى البخاري ومسلم عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ، فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ».[5]
*
والصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة.
روى أحمد في مسنده، بسند صحيح عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ»[6].
وصيام رمضان خصوصا يمحو الذنوب، ويكفر السيئات.
روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»[7].
وروى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ»[8].
إذن ما هي الأعمال التي يستحب فعلها في هذه الأيام المباركة؟
علينا - معاشر الأحبة - أن نستقبل هذا الشهر الكريم المبارك بتوبة صادقة خالصة نصوح نقلع فيها عن كل معصية، ونندم على ما مضى من أعمارنا في معصية الله، ونعاهد ربنا ألا نعود لمعصيته أبدا.
قال تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور:31].
وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا ﴾ [التحريم:8].
والله يحب التائبين.
قال سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة:222].
فيا من تهاونت في الصلاة كثيرا؛ عُدْ إلى الله فقد أقبل رمضان.
يا من أذنبت كثيرا؛ عد إلى الله فقد أقبل رمضان.
يا من عصيت كثيرا؛ عد إلى الله فقد أقبل رمضان.
روى مسلم عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللهَ عز وجل يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا»[9].
قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وربه، ولا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط:
الشرط الأول: الإقلاع عن الذنب فورا.
الشرط الثاني: الندم على ما فات.
الشرط الثالث: العزم على عدم العودة إلى الذنب أبدا.
*
وإن كانت المعصية متعلقة بحق آدمي فيضاف شرط رابع، ألا وهو: أن يبرأ من حق صاحبها، إن كان مالا رده، وإن كان غيبة استحلها.
وعلينا- معاشر الأحبة - إن أردنا أن يتقبل الله منا الصيام والأعمال، ويغفر لنا أن نفض الخصام، لأن الخصام، والشحناء سبب من أسباب حجب مغفرة الله عنك.
روى مسلم عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تُعْرَضُ الأَعْمَالُ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ فَيَغْفِرُ اللهُ عز وجل فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا إِلَّا امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ: ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، ارْكُوا هَذَيْنِ[10] حَتَّى يَصْطَلِحَا»[11].
والخصام والهجران سبب من أسباب دخول النار.
روى أبو داود، بسند صحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ»[12].
وروى مسلم عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا، وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ »[13].
وعلينا- معاشر الأحبة - إن أردنا أن يتقبل الله منا الصيام والأعمال، ويغفر لنا أن نتعلم فقه الصيام.
قال العلماء: لا تقبل العبادة إلا بشرطين:
الشرط الأول: الإخلاص فيها للمعبود: والإخلاص هو التنقية، والمراد به أن يقصد العبد بعبادته وجه الله جل جلاله، والوصول إلى دار كرمته سبحانه وتعالى.
فإن الله لا يقبل من العمل إلا الخـالص لوجهه سبحانه.
قال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة: 5].
وقَال تعالى: ﴿ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ﴾ [الزمر: 3].
وقال تعـالى: ﴿ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي ﴾ [الزُّمَر:14].
*
الشرط الثاني: المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم.
فإن الله لا يقبل من العمل إلا الموافق لهدي الرسول*صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر:7].
وقَال تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء:65].
*
وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله*صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ»[14]،*أي مردود عليه.
فلا عبرة بالعمل ما لم يكـن خالصا لله صوابا على سنة رسـول الله*صلى الله عليه وسلم.
*
قال الفضيل بن عياض في قوله تعالى: ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [هود:7، المُلك:2]:*«أخلصه وأصوبه».
قيل: يا أبا علي، وما أخلصه وأصوبه؟
قال: «إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا، والخالص ما كان لله، والصواب ما كان على السنة»*[15].
*
ومن الآيات الجامعة لهذين الشرطين قوله تعالى في آخر سورة الكهف: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾[الكهف:110].
*
و من أعمال البر التي يستحب فعلها والإكثار منها في هذه الأيام الفاضلة:
قيام الليل:
روى أحمد في مسنده، بسند صحيح عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ»[16].
*
ولقيام الليل في رمضان مزية خاصة.
روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»[17].
*
ولقيام الليل مع الإمام في رمضان فضل خاص:
روى أبو داود، بسند صحيح عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ»[18].
أي من قام مع الإمام حتى ينتهي من صلاته كأنما قام تلك الليلة في الفضل والثواب.
*
ومن أفضل الأعمال في هذا الموسم الكريم:
1- قراءة القرآن:
روى الترمذي، بسند صحيح عن عَبْد اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ: ﴿ الم ﴾ حرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ»[19].
*
ولقراءة سورتي البقرة، وآل عمران فضل خاص.
روى أحمد في مسنده، بسند صحيح عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ؛ فَإِنَّهُ شَافِعٌ لأَصْحَابِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ اقْرَؤُوا الزَّهْرَاوَيْنِ: الْبَقَرَةَ، وَآلَ عِمْرَانَ؛ فَإِنَّهُمَا يَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ يُحَاجَّانِ عَنْ أَهْلِهِمَا، ثُمَّ قَالَ: اقْرَؤُوا الْبَقَرَةَ؛ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ[20]»[21].
*
2- صلة الرحم.
روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «خَلَقَ اللهُ الْخَلْقَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ فَقَالَ مَهْ، قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ، فَقَالَ: أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَذَلِكِ لَكِ، ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾ [محمد: 22] »[22].
*
3- الصدقة.
روى البخاري ومسلم عَنِ عبد الله بن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ عليه السلام يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ»[23].
*
4- العمرة.
روى البخاري ومسلم عَنِ عبد الله بن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاِمْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ: «فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِري فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً»[24].
وفي رواية لأبي داود«أَنَّهَا تَعْدِلُ حَجَّةً مَعِي»[25]، يَعْنِي عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ.
*
وفي الختام..
أوصيكم، ونفسي بتقوى الله في السر والعلن، ومراقبته في سائر أموركم، وفي صيامكم خاصة.
فمن الناس من يصوم رمضان، ولا يتقبل الله منه.
*
روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ[26] وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»[27].
قال ابن العربي: «مقتضى هذا الحديث أن من فعل ما ذكر لا يثاب على صيامه ومعناه أن ثواب الصيام لا يقوم في الموازنة بإثم الزور وما ذكر معه»[28].
*
وروى البخاري عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ، وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ، أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ»[29].
[1] متفق عليه: رواه البخاري (1899)، ومسلم (3277).
[2] صحيح: رواه الترمذي (682)، وصححه الألباني في المشكاة (1960).
[3] خريفا: أي سنة.
[4] متفق عليه: رواه البخاري (2840)، ومسلم (2767 ).
[5] متفق عليه: رواه البخاري ( 1896)، ومسلم (2766).
[6] صحيح: رواه أحمد في مسنده (6626)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2882).
[7] متفق عليه: رواه البخاري (38)، ومسلم (1817).
[8] صحيح: رواه مسلم (574).
[9] صحيح: رواه مسلم (7165).
[10]اركوا هذين: أي أخروا، يقال ركاه يركوه ركوا إذا أخره.
[11] صحيح: رواه مسلم (6711).
[12] صحيح: رواه أبو داود (4916 )، وصححه الألباني في صحيح الجامع (7659 ).
[13] صحيح: رواه مسلم (6697).
[14] متفق عليه: رواه البخاري (2550)، مسلم (1718)
[15] انظر: حلية الأولياء: (8 / 95).
[16] صحيح: رواه أحمد في مسنده (24193)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2/ 109).
[17] متفق عليه: رواه البخاري (37 )، ومسلم (1815).
[18] صحيح: رواه أبو داود (1377)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2417).
[19] صحيح: رواه الترمذي (3158)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2/ 267).
[20] البطلة: أي السحرة.
[21] صحيح: رواه أحمد (22498)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1165).
[22] صحيح: رواه البخاري (4830).
[23] متفق عليه: البخاري (6)، ومسلم (6149).
[24] صحيح: رواه مسلم (3097).
[25]صحيح: رواه أبو داود (1992)، وصححه الألباني في «الإرواء» (6/ 32/ 1587).
[26] الزور: الكذب.
[27] صحيح: رواه البخاري (1903).
[28] انظر: فتح الباري (4/ 117).
[29] صحيح: رواه البخاري (1904).
خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني