لخص الخطبة
1- رمضان ضيف حلّ فينبغي أن نكرمه. 2- الاستعداد لاستقبال شهر رمضان. 3- الحث على تعلم الأحكام الخاصة بالصيام. 4- العزم على ترك الخصال الذميمة في رمضان. 5- حكم صيام أواخر شعبان.
الخطبة الأولى
أما بعد: معشر المسلمين:
فإن لكل غائب طالت غيبته نوع استقبال، ولكل حبيب أوشكت رجعته اهتماماً يتناسب مع مكانته ، ويتوافق مع منزلته في نفس من يستقبل ذلك العزيز الحبيب الغائب. فإذا جفوت حبيبك الغائب جفاك وأخفى عنك هداياه وعطاياه، وادخرها ليعطيها لغيرك ممن يحسن استقباله ويعد العدة للحفاوة به وإكرامه.
وإن أعظم مسافر أوشك أن ينزل ديارنا ، ويحط رحاله فى أوطاننا شهر رمضان العظيم ، سيد شهور السنة، هذا الشهر الكريم الذي يأتي حاملا معه النفحات الربانية، والعطاءات الإلهية، فتنبه الغافل وتذكر الناسي وتجدد همة الذاكر وتجمع شتات الناس وتجمع من تفرق من أهل الحي الواحد خلف إمام يقرأ لهم آيات ربهم يخاطبهم بها: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم [الزمر:53]. فتذرف دموع الحسرة على التفريط ودموع الألم على ما مضى من العمر فى معصية الله، ثم يقرأ إمامهم قول الله: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لداً [مريم:96-97].
ليتذكر أهل الحي الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي : (( إن العبد ليلتمس مرضاة الله، ولا يزال كذلك فيقول الله عز وجل لجبريل: إن فلاناً عبدي يلتمس أن يرضيني، ألا وإن رحمتي عليه فيقول جبريل: رحمة الله على فلان ويقولها حملة العرش ويقولها من حولهم حتى يقولها أهل السماوات السبع ثم تهبط له إلى الأرض ))(1).
ثم يسبح المصلون فى أنحاء السماوات وجنبات الأرض وبين الآيات الكونية العظيمة وهم واقفون لا تبرح أقدامهم مكانهم وذلك عندما يتلو إمامهم قول الله: إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار [آل عمران:90-91].
وهكذا كلما مر إمامهم بآية قام في نفوسهم من الفيوضات الربانية، والأحاسيس الإيمانية، ما يناسب تلك الآية الرحمانية.
معشر المسلمين: سؤال أراه يفرض نفسه أمامنا أجمعين يقول هذا السؤال: كيف نعد العدة لاستقبال هذا الحبيب الذي أوشك أن يصل من غيبته ؟ وكيف نهتم باستقبال هذا الشهر الكريم شهر رمضان؟ فأقول وبالله التوفيق: إن الفرد منا يجب أن يوطن نفسه وأهله على تلاوة القرآن في شهر رمضان ، ومراجعة ما حفظه منه ، ثم النية الأكيدة والعزم الصادق على الالتزام بصلاة التروايح بقدر الإمكان .
ثانيا: تعلم أحكام الصيام الفقهية وسننه وآدابه إن كان جاهلا بها ، أو مراجعتها وتذكرها إن كان عالما بها ، وملازمة حلق العلم التي تقام فى شهر رمضان من أجل هذا الغرض.
ثالثاً: العزم على التوبة في هذا الشهر الفضيل، فأبواب رحمة الله وأبواب التوبة لا تزال مفتوحة .
رابعاً: العزم على ترك العادات الرذيلة والخصال القبيحة كالسباب والشتم والغيبة والنميمة وغير ذلك من الخصال السيئة الأخرى وإن في شهر رمضان لأعظم فرصة على ترك قبيحة جالبة للأمراض ألا وهي عادة التدخين .
ومن الناس من يتقدم صيام شهر رمضان بصوم يوم أو يومين من آخر شعبان وهو يفعل ذلك عن حسن نية، ولكن هذا محرم ومخالف لسنة المصطفى إذ يقول فى الحديث المتفق عليه: (( لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم ))(1). وروى الترمذي وأبو داود عن عمار بن ياسر قال: (( من صام اليوم الذي يشك فيه الناس فقد عصى أبـا القاسم ))(2). ويكره الصوم بعد منتصف شعبان لما رواه الترمذي عن أبي هريرة: (( إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموا ))(3).