بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
نفحات قرآنية في سورة الذاريات
﴿ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾ [الذاريات: 19]
قوله: حَقٌّ ، هذا الحق عام يشمل جميع أعمال البر والخير.
أما قوله: حَقٌّ التي جاءت في سورة المعارج في قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾ [المعارج: 24، 25]، فالمقصود بها الزكاة الشرعية التي تصرف للأصناف الثمانية المذكورة في قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾ [التوبة: 60].
﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ [الذاريات: 22]
قوله: ﴿ رِزْقُكُمْ ﴾، ذهب كثير من العلماء أن المقصود بالرزق هنا المطر، أي: وفي السماء أسباب رزقكم ومعاشكم، وهو المطر الذي به حياة البلاد والعباد.
قوله: ﴿ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾، يعني: وفي السماء الذي توعدون وهي الجنة التي وعد الله عباده المتقين.
قال ابن عباس: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ ﴾، أي: ومن السماء يأتي رزقكم، يعني: المطر، ﴿ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾، يعني: الجنة.
﴿ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾[الذاريات: 36]
لم يقل في هذه الآية (غير بيت من المؤمنين)؛ كالآية التي قبلها؛ لأن امرأة لوط كانت كافرة ومنافقة وخائنة؛ حيث كانت على دين قومها، كما قال تعالى في سورة التحريم: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ﴾ [التحريم: 10].
﴿ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ﴾ [الذاريات: 28]
قوله: ﴿ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ﴾؛ لأنهم امتنعوا عن الأكل.
﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾[الذاريات: 49]
قوله: ﴿ زَوْجَيْنِ ﴾، الزوج: الصنف والنوع، أي: المزدوج من كل صنف.
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في تفسيره (أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن):
التحقيق إن شاء الله في معنى قوله جل وعلا: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات:56]، أي: إلا لآمرهم بعبادتي، وأبتليهم، أي: أختبرهم بالتكاليف، ثم أجازيهم على أعمالهم، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر.
وإنما قلنا: إن هذا هو التحقيق في معنى الآية، لأنه تدل عليه آيات محكمات من كتاب الله، فقد صرح تعالى في آيات من كتابه أنه خلقهم ليبتليهم أيهم أحسن عملا، وأنه خلقهم ليجزيهم بأعمالهم.
ويشير الشيخ إلى قوله تعالى في أول سورة تبارك: ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ ﴾ [الملك: 2]، وقوله في أول سورة يونس: ﴿ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا ﴾ [يونس: 4].
وقد أنكر سبحانه على الإنسان أن يُترك سدى، فقال: ﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾ [القيامة: 36].