161_ قال ابن القيم: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: أمر الله بقدر زائد على ستر العورة في الصلاة، وهو: أخذ الزينة، فقال تعالى: {خذوا زينتكم عند كل مسجد [الأعراف:31]} فعلق الأمر بأخذ الزينة لا بستر العورة، إيذانا بأن العبد ينبغي له: أن يلبس أزين ثيابه وأجملها في الصلاة.
162_ {ولا تحاضون على طعام المسكين} فتأمل الإتيان بصيغة الجمع في قوله: (ولا تحاضون) ففي ذلك إشارة إلى أنه ينبغي أن يكون هناك مجهود جماعي في الحث على الإطعام، ويؤكد هذا أن القرآن - في الفترة المكية - أبرز قضية العناية بحقوق الناس، وخاصة الضعفاء؛ لأن حفظ الحقوق يحفظ المجتمعات، وبالإطاحة بها تنهار المجتمعات من داخلها. [د.سلمان العودة]
163_ يقول أحد الدعاة: رأيت مغنيا مشهورا طالما فتن الشباب والفتيات، فقررت أن لا أدعه حتى أنصحه، فسلمت عليه، وألهمني الله أن ألقي في أذنه قوله تعالى: {إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق} ثم ذهبت، فوالله ما مرت أيام إلا وقرأت خبر توبته في الصحف.
فما أجمل الوعظ بالقرآن إذا صادف انتقاء حسنا، وقلبا واعيا!
164_ {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا... الآية [التوبة:107]} وفي هذه الآية دليل على أن العمل - وإن كان فاضلا - تغيره النية، فينقلب منهيا عنه، كما قلبت نية أصحاب مسجد الضرار عملهم إلى ما ترى. [ابن سعدي]
165_ قال تعالى: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات [فاطر:32]} قيل في سبب تقديم الظالم لنفسه على السابق بالخيرات - مع أن السابق أعلى مرتبة منه - لئلا ييأس الظالم من رحمة الله، وأخر السابق لئلا يعجب بعمله. [القرطبي]
166_ {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة [البقرة:138]} فسمي الدين صبغة استعارة ومجازا، حيث تظهر أعماله وسمته على المتدين، كما يظهر أثر الصبغ في الثوب. [القرطبي]
167_ يدل قوله تعالى: {وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا [آل عمران:120]} على أن الاستثمار الأساسي في مواجهة عدوان الخارج يجب أن يكون بتحصين الداخل من خلال الاستقامة على أمر الله، ومن خلال النجاح في مواكبة معطيات العصر. [عبدالله المخلف]
168_ {فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك [هود:81]} والحكمة من نهيهم عن الالتفات ليجدوا في السير، فإن الملتفت للوراء لا يخلو من أدنى وقفة، أو لأجل أن لا يروا ما ينزل بقومهم من العذاب فترق قلوبهم لهم. [الألوسي]
وفي ذلك إشارة للمؤمن أن لا يلتفت في عمله للوراء إلا على سبيل تقويم الأخطاء؛ لأن كثرة الالتفات تضيع الوقت، وربما أورثت وهنا.
169_ {ولا تقتلوا أولادكم من إملاق [الأنعام:151]} أي: لا تقتلوهم من فقركم الحاصل، بينما قال في سورة الإسراء: {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق [31]}، أي: خشية حصول فقر في المستقبل؛ ولذا قال بعدها: {نحن نرزقهم وإياكم} فبدأ برزقهم للاهتمام بهم، أي: لا تخافوا من فقركم بسببهم، فرزقهم على الله. [ابن كثير]
170_ عن الحسن البصري في قوله تعالى: {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا... الآية [الروم:6] قال: إنه ليبلغ من حذق أحدهم بأمر دنياه أنه يقلب الدرهم على ظفره، فيخبرك بوزنه، وما يحسن يصلي!! [الدر المنثور]
171_ {استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين [البقرة:153]} توجيه رباني وجدت بركته أخت لنا فجعت بفقد والديها وأخيها وأختها جميعا في حادث قبل أيام، إذ لما اشتدت عليها المصيبة تذكرت هذه الآية ففزعت للصلاة، موقنة بكلام ربها، فتقسم أنه نزل على قلبها سكينة عظيمة خففت عليها مصيبتها.
وذلك تأكيد عملي على أثر تدبر القرآن والعمل به في حياة العبد في ظروفه كلها.
172_ عن قتادة في قوله تعالى: {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى [طه:2]} لا والله، ما جعله الله شقيا، ولكن جعله الله رحمة ونورا ودليلا إلى الجنة. [الدر المنثور] فتأمل الآية وتعليق هذا الإمام عليها، ثم لك أن تتعجب أن يتقلب مسلم في الشقاء وكتاب الله بين يديه!
173_ قال ابن عقيل: ما أخوفني أن أساكن معصية، فتكون سببا في حبوط عملي وسقوط منزلة إن كانت لي عند الله تعالى، بعدما سمعت قوله تعالى: {لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي [الحجرات:2]}.
وقد علق ابن مفلح قائلا: وهذا يجعل الفطن خائفا وجلا من الإقدام على المآثم، وخوفا أن يكون تحتها من العقوبة ما يماثل هذه. [الآداب الشرعية]
174_ {ويدعوننا رغبا ورهبا [الأنبياء:90]} قال الحسن البصري: دام خوفهم من ربهم فلم يفارق خوفه قلوبهم، إن نزلت بهم رغبة خافوا أن يكون ذلك استدراجا من الله لهم، وإن نزلت بهم رهبة خافوا أن يكون الله عز وجل قد أمر بأخذهم لبعض ما سلف منهم. [الدر المنثور]
175_ {أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور * وحصل ما في الصدور} ومناسبة الآيتين لبعضهما أن بعثرة ما في القبور إخراج للأجساد من بواطن الأرض، وتحصيل ما في الصدور إخراج لما تكنه فيها، فالبعثرة بعثرة ما في القبور عما تكنه الأرض، وهنا عما يكنه الصدر، والتناسب بينهما ظاهر. [ابن عثيمين]
176_ {إذ نادى ربه نداء خفيا [مريم:3]}
"إخفاء الدعاء، والإسرار بالمسألة: مناجاة للرب، وإيمان بأن الله سميع، وذل واستكانة، وسنة من سنن المرسلين" [د.عبد الله السكاكر]
177_ عن ابن عباس قال: أجار الله تابع القرآن من أن يضل في الدنيا أو يشقى في الآخرة، ثم قرأ: {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى} قال: لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة. [تفسير ابن أبي حاتم]
178_ "لو لم يكن للعلم وأهله العاملين به من شرف إلا أن بركة علمهم تبقى، ويمتد أثرها حتى في عرصات القيامة، فهم شهود الله على بطلان عبادة المشركين كما في سورة النحل[27]، وشهود على منكري البعث كما في سورة الروم[55-56]" [ابن القيم]
179_ "{إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم} حفظها القرآن في ثلاثة مواضع عن نبينا صلى الله عليه وسلم لما أريد على دينه ورسالته، فما أحوج المؤمن أن يعلنها مدوية كلما أريد على دينه، أو عرضت له معصية تقطعه عن سيره إلى الله تعالى" [د.عمر المقبل]
180_ التحذير من الذنب وسببه واضح في كتاب الله, كما في قوله تعالى: {يا أيها اللذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا}[الحجرات:12]، فانظر لهذا الترتيب: إذا ظن الإنسان بأخيه شيئا تجسس عليه؛ فإذا تجسس صار يغتابه. [ابن عثيمين]