بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله العلي الأعلى ، خلق فسوى ، وقدر فهدى ، أحصى على العباد أفعالهم وأقوالهم ، في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ، أحمده وأتوب إليه ، له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تقدس وتعالى ، جلت عظمته ، وعمت قدرته ، وتمت كلمته صدقاً وعدلاً ، وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى ، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله ، صفياً مجتباً ، بعثه ربه بالحق والهدى ، فما ضل وما غوى ، وما نطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وأزواجه أهل الخير والتقى ، وعلى صحابته مصابيح الدجى ، ونجوم الهدى ، والتابعين لهم بإحسان في الآخرة والأولى . . . أما بعد :
أيها المسلمون : كانت البشرية ، قبل البعثة المحمدية ، تعيش حياة غير مستقرة ، بل حياة مستعرة ، يسودها الخلاف ، وينعدم فيها الائتلاف ، عمها الاستخفاف ، واكتنفها الإسفاف ، قتال وتناحر ، قطيعة وتداحر ، صراع من أجل البقاء ، غثاء وجفاء ، لا محبة ولا إخاء ، ولا إيثار ولا صفاء ، تلكم كانت مجمل الحياة الوثنية ، والرغبات الإنسانية ، في وقت غابت فيه الدساتير الإلهية ، والنصوص الربانية ، فرحم الهر البشرية ، حيث أرسل لها أرحم البرية ، محمد بن عبد الله صلى الله وسلم عليه ، حيث أماط لثام الأنانية ، وخلع قناع الجاهلية ، فأنارت الدنيا بالرسالة ، وأشرقت بالبشارة ، فتحول الظلام نهاراً ، وأصبح العلم مناراً ، فاشرأبت النفوس لهذا الدين العظيم ، فدخل الناس فيه أفواجاً ، طاعة وإقراراً ، لأنه دين رب العالمين ، قال القوي المتين : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ } ، أيها الأخوة في الله : الإسلام دين ليس فيه التباس ، صالح لكل الناس ، من آمن به سعد ، ومن دخل فيه رشد ، دين حفظ الأموال والأنفس والأعراض والدماء والعقول ، من الإزهاق والأفول ، إنه الإسلام يا أمة الإسلام ، الإسلام دين حب وسلام ، دين ألفة ووئام ، دين هدىً لا ضلال ، محفوظ من الزوال ، له البقاء إلى أمد ، وله الظهور إلى أبد ، دين حق لا باطل ، هو الدين الذي ارتضاه سبحانه للملأ الكرام ، ولا يُقبل من عبد ديناً غير الإسلام ، قال الملك العلام : { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } ، فاللهم احفظنا بالإسلام قائمين وقاعدين وراقدين ، ولا تشمت بنا الأعداء ولا الحاسدين ، يارب العالمين .
أيها المسلمون : الإسلام دين التراحم ، وشريعة التلاحم ، كيف لا والله عز وجل هو أرحم الراحمين ، سبقت رحمته غضبه ، وغلبت مغفرته سطوته ، قال الحليم الرحيم : { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ } ، وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ لَمَّا قَضَى الْخَلْقَ ، كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ ، إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِى " [ أخرجه البخاري ومسلم ] ، وجاءت سنة الحبيب المصطفى ، والنبي المجتبى ، مليئة بصور الرحمة ، وقصص الرأفة ، فقد قُدِّم لرسول الله صلى الله عليه وسلم طفل وقد شارف على الموت ، ونفسه تقعقع ، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ : مَا هٰذَا يَا رَسُولَ اللّهِ ؟ قَالَ : " هٰذِهِ رَحْمَةٌ ، جَعَلَهَا اللّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ " [ متفق عليه ] ، وإذا أرسل جيشاً لقتال الكفار قال لهم : " انْطَلِقُوا باسْمِ الله ، وَبالله وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ الله، وَلا تَقْتُلُوا شَيْخاً فَانِياً ، وَلاَ طِفْلاً وَلا صَغيراً ، وَلا امْرَأةً ، وَلا تَغُلُّوا ، وَضُمُّوا غَنَائِمَكُم ، وَأصْلِحُوا وَأحْسِنُوا إنَّ الله يُحِبُّ المُحْسِنِينَ " [ أخرجه أبو داود ] ، ومن رحمته بالبهائم أَنَّه صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَيْهِ حِمَارٌ قَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ : " لَعَنَ اللّهُ الَّذِي وَسَمَهُ " [ أخرجه مسلم ] ، ونهى عن تخويف الآمن ، وترويع المستأمن ، وحذر أسباب القتل والتهديد فقَالَ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ ، فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَلْعَنُهُ ، وإِنْ كانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمهِ " [ أخرجه مسلم ] ، وبعد عباد الله ، فإنه يسوؤنا والله ما يحصل اليوم من أحداث دامية ، ومشاجرات حامية ، مضاربات ، ومشاجرات ، نتائجها بين قتيل وجريح ، في تعد صريح ، وخروج عن تعاليم الشريعة ، وانتهاك لحدود الله فظيعة ، وقائعٌ قُتل فيها أبرياء مسالمين ، مؤمنين ومسلمين ، عصابات شللية ، ومجموعات إجرامية ، فأين يذهبون من رب البرية ، وخالق البشرية ، تخويف وهمجية ، وترويع ووحشية ، أعمال مشينة ، وأفعال مهينة ، تغيرت فيها الأوضاع ، وتبدلت فيها الطباع ، قتل وخنق ، وللتعاليم خرق ، سرقة واستيلاء ، وعتوٌ واستعلاء ، فيا لها من مصائب عظيمة ، ومثالب وخيمة ، عمل إجرامي فظيع ، وفعل إرهابي وضيع ، حوداث القتل التي تطالعنا بها الصحف اليومية ، التي راح ضحيتها أبرياء مسالمين ، من صغار وكبار ، ونساء ورجال ، وشيب وشباب ، أمر من قتلوهم في تباب ، قتل لكبار السن الرتع ، وجرائم بحق الأطفال الرضع ، إن هذه المآسي ، لدليل على نزع الرحمة ، من قلوب أولئك الظلمة القتلة ، إن ذلكم العمل الإجرامي الخطير ، والقتل المرير ، سيلقي بشرره على الأمة بأكملها ، وعلى الملة برمتها ، فرحماك ربنا رحماك ، اللهم حوالينا ولا علينا .
أيها المسلمون : لقد فُجِع كلُّ ذي دينٍ ومروءَة ، وكلّ ذي عقلٍ وإنسانيّة ، بالعمل الإجراميّ ، والفِعل الإرهابي ، والتصرّف الهمجي ، خال ينحر رضيع شقيقته ، وأب يغرق زوجته وطفلته ، وآخر يقتل فلذة كبده ، ومختل يحرق زوجته وأطفاله ، أعمال نكراء ، وأفعال هوجاء ، وجرائم شنعاء ، لا يرتاب العقلاء ، ولا يتمارى الشّرفاء ، في تحريمها وإنكارها ، لا يُقِرّها دين ولا عقلٌ ، ولا يقبلها منطقٌ ولا إنسانية ، وهي بكلّ المقاييس أمرٌ محرَّم ، وفعلٌ مجرَّم ، وتصرّف مرذولٌ مقبوح ، وعملٌ إجرامي مفضوح ، وسابقةٌ خطيرة ، ونازلةُ شرٍّ مستطيرة ، سبحان الله العظيم ، إنَّ ما حدث ويحدث ، يعد أمر عظيم وغث ، ومشهد مريع ، وخبر فظيع ، ذلكم الشاب الذي يضرب أمه حتى الممات ، وآخر يحرق والديه بالنار ، وثالث يمطرهما بوابل من الرصاص ، قَالَ صلى الله عليه وسلم : " لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيه " ، فإذا كان من لعن والديه ، طرده الله من رحمته ، وألحقه بغضبه ومقته ، فما بالنا بمن يقتل والديه أو أحدهما ، لجزاؤه أكيد ، وعذابه شديد ، ما هذا يا أمة الإسلام ؟ وكأننا في غاب ، يفترس فيها بالضرس والناب ، ويروع من فيها بغير أسباب ، إنَّ هذه الأعمال التخويفية ، التي تستهدِف الآمنين المعصومين ، وتزهق أرواح المسلمين الوادعين ، مخالفة لشريعة ربّ العالمين ، إنه لأمر مؤلمٌ حقًّا ، ومؤسِفٌ صِدقًا ، يُعجز البيان ، ويُرجف الجنان ، ويهز البَنان ، فيالفظاعة القتل ، وياله من هول ، دماء تراق ، وأجساد للموت تساق ، جرائم سطّروها بمدادٍ قاتمة ، وعقول هائمة ، فأهلكوا أنفساً مسلمة بريئة ، وأزهقوا أرواحاً مطمئنة محترمة ، لم يرحَم هؤلاء المجرِمون أحداً ، لم يراعوا أيَّ قِيَم دينيّة ولا أخلاقية ، ولم يبالوا بشرعٍ ولا شرعية ، ولا عقلٍ ولا إنسانية ، فوا عجبًا لهم ، أَقُدَّت قلوبهم من صخر ، أم رُميت عقولهم في بحر ؟ فأين يذهب أولئك الأشرار ، من شهادة أن لا إله إلا الله ، إذا جاءت تحاجُّهم يوم القيامة ؟! كما في الصحيح من حديث أسامة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : " أقتلتَه بعد أن قال : لا إله إلا الله؟! " ، وغضِب عليه الصلاة والسلام واحمرّ وجهُه وهو يقول لأسامة : " أقتلته بعد أن قال : لا إله إلا الله؟! " قال : يا رسول الله ، إنما قالها تقيَّةً أي : خوفًا من القتل ، قال : " أشققتَ عن قلبه ؟ كيف تصنعُ يا أسامة بلا إله إلا الله إذا جاءت تحاجُّك يوم القيامة؟ " قال رضي الله عنه : فوددتُ أني لم أكن أسلمتُ إلا يومئذ ، فالله أكبر ، هذا فهمُ الصحابة الأبرارِ ، والسلف الأخيار ، لحرمةِ الدماء المعصومةِ ، وحصانة الأنفس البريئة ، فكيف يفعل أولئك القتلة بدم من قتلوهم يوم القيامة ، قال صلى الله عليه وسلم يقول : " يجيء المقتول متعلقاً بالقاتل ، يقول : يا رب سل هذا فيم قتلني ؟ " [ أخرجه أحمد ] ، فهذا العمل الجنوني ، والخروج الجنوحي ، ما هو إلا صورة مخيفة من صور الإرهاب الظالم ، والعدوان الغاشم ، والذي سيلقى جزاؤه بغاته ، ويقدم للعدالة جناته ، إفساد وتعد مبين ، والله لا يصلح عمل المفسدين ، ظلم واضح ، وعدوان فاضح ، سيصطلي بناره الإسلام وأهله ، فاللهم سلم سلم ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .
عباد الله : الأديانُ السماويةُ متفقةٌ على تحريم قتل النفس المعصومة ، وفي إقامة الحد حياة للأمة ، كما أخبر تعالى بقوله : { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ، فقتل المسلم عظيمة من العظائم ، وجريمة من الجرائم ، قال تعالى : " وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا " ، وعَنْ اِبْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَحِلّ دَم اِمْرِئٍ مُسْلِم يَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَنِّي رَسُول اللَّه إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث : الثَّيِّب الزَّانِي ، وَالنَّفْس بِالنَّفْسِ ، وَالتَّارِك لِدِينِهِ الْمُفَارِق لِلْجَمَاعَةِ " [ رواهُ البخاري ومسلم ] ، وقَالَ صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ " [ رواهُ البخاري ] ، وقَالَ عبدالله بن عمر رضي الله عنهما : " لَا يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا " [ رواهُ البخاري ] ، ألا فاعلموا أيها الناس أن أمر الدماء عظيم في الإسلام ، مهيب عند رب الأنام ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ "[ رواه ابن ماجة بإسناد حسن ] ، ورواه البيهقي والأصبهاني وزاد فيه : " وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ ، وَأَهْلَ أَرْضِهِ ، اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ لأَدْخَلَهُمُ اللَّهُ النَّارَ " ، اللهم أصلح الأحوال ، والأفعال والأقوال ، واجعل لنا من الصالحات نصيباً ما له من زوال ، أنت خير عاصم ووال .
أيها المسلمون : اعلموا رحمكم الله أنه يحرم قتل المستأمن أو الذمي الذي له عهد في الإسلام ، فقد جاءت الشريعة بحفظ ماله ودمه وعرضه ، فدمُ المعاهدِ الذي له عهدٌ مع المسلمين بعقدِ جزيةٍ ، أو هدنةٍ من سلطانٍ ، أو أمانٍ من مسلمٍ فحقه محفوظاً ، وقتله مرفوضاً ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا " [ رواهُ البخاري ] ، فجرائم القتل من أسوأ المآثم ، وأشد المغارم ، سواء كانت في حقّ مسلمين أو غير مسلمين ، فهي من الفسادِ ، وإهلاك العباد ، وتعد لحدود الملك التواب ، قال شديد العقاب : { إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } ، بارك لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بهدي النبي الكريم ، أقول ما سمعتم ، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وخطيئة ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الحمد لله ، شرح صدور أوليائه للإيمان والهدى ، وطبع على قلوب أقوام فلا تعي الحق أبداً ، من يهدِ الله فهو المهتد ، ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشدًا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله ، كرم رسولاً ، وشرف عبدًا ، صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وأصحابه ، صلاة وسلاماً دائمين سرمدًا ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم يلقونه غداً . . . أما بعد :
فيا أيها المسلمون : إن هذه الجرائم وبحق ، تعد أعمالاً بشعة ومقيتة ، وللقيم والأخلاق مميتة ، يشوه بها سمعة الإسلام ، وبلد الإسلام ، الذي يرفض مثل هذه التصرفات الرعناء ، والأفعال الهوجاء ، فالله الله عباد الله أوصيكم بالتكاتف ، والرحمة والتآلف ، وجمع الكلمة ، والحذر الحذر من تلكم الأقلام المسمومة ، التي تطعن في الظهور ، وتندس في الجحور ، تريد النيل من الإسلام ودولة الإسلام ، تريد أن تجعل من هذه الحوادث ، قصصاً منسوجة ، ترضي من خلالها أعوانها ، وتطعن في ولائها وبلدها ودينها ، ثم اتقوا الله أيها الآباء واضطلعوا بمسؤولياتكم ، تجاه أبنائكم ، فلا تتركوهم فريسة للأهواء ، والأفكار الهوجاء ، وسموم الخمر والمخدرات ، وهموم المسكرات والمنبهات ، فيقحمون أنفسهم في مضاربات وملاسنات لا قبل لهم بها ، فيكثر بسببها القتلى ، ويزداد الجرحى ، واحذروا ضعاف النفوس ، ومرضى الأفكار ، الذين يوجهون الشباب للأعمال الضالة ، والأفكار المنحرفة ، من خلال تجمعات مشبوهة ، ورحلات مجهولة , واستراحات مريبة ، يكيدون لهم المكائد ، وينصبون لهم المصائد ، ليقعوا فريسة لأعداء الدين من المنحرفين ، واحرصوا يارعاكم الله أن تقوموا بالتوجيه السليم ، والبعد عن الفكر السقيم ؛ ثم إن أشير إلى الإسلام ، بأصابع الاتهام ، فواقع العراق وفلسطين وأفغانستان أعظم إرهاب ، وأشد إرعاب ، والله المستعان ، وعليه التكلان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله الواحد الديان ، ألا وصلوا وسلموا على سيد ولد عدنان ، نبيكم المبعوث رحمة للإنس والجان ، فقد أمركم بذلك ربكم الواحد الديان ، فقال في محكم البيان ، والنور والبرهان : { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً }، اللهم صلّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد، وعلى آله وأزواجه، وارض اللهم عن صحابته أجمعين وعن والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واخذل الطغاة والملاحدة وسائر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين ، اللهم أيد بالحق والتسديد والعون والتوفيق إمامنا وولي أمرنا وأعز به دينك وأعلِ به كلمتك وارزقه البطانة الصالحة واجعله نصرة لأوليائك واجمع به كلمة المسلمين على الحق والهدى يا رب العالمين ، اللهم أبرم لأمة الإسلام أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة، ويذل فيه أهل المعصية، ويؤمر فيه بالمعروف ، وينهى فيه عن المنكر، إنك على كل شيء قدير، اللهم انصر المجاهدين، الذين يجاهدون في سبيلك لإعزاز دينك وإعلاء كلمتك، اللهم انصرهم في فلسطين والعراق وأفغانستان ، وفي كشمير والصومال والشيشان ، وفي كل مكان يا رب العالمين ، اللهم سدد سهامهم وآراءهم ، واجمع على الحق كلمتهم ، وانصرهم على عدوك وعدوهم ، اللهم إن اليهود المحتلين ، والنصارى المعتدين ، قد طغوا وبغوا ، وآذوا وأفسدوا ، ودمروا وأرهبوا ، اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين ، اللهم فرق جمعهم ، وشتت شملهم ، واجعل بأسهم بينهم ، وأرنا فيهم عجائب قدرتك ، يا قوي يا متين ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .