قرار غلق بعض القنوات الدينية بحجة تحريضها على الفتنة، فتح باب الجدل حول مستقبل حرية الإعلام في مصر بين من يراها خطوة استثنائية ليست لها دلالة فيما يخص المستقبل، ومعارض يراها مؤشراً وسابقة خطيرة ضد حرية الإعلام.
ياسر فؤاد، ، المنسق الإعلامي للجبهة التنسيقية لـ 30 يونيو، وعضو حركة "تمرد"، يقول إنه ضد غلق أي قناة إعلامية، ولكن هذه القنوات التي تم إغلاقها كانت تحرض بالفعل على الفتنة وتهدد باستخدام ال*** وتقوم بتكفير المعارضين، ويتابع في حوار مع DW عربية "أعتقد أيضاً أن غلق هذه القنوات كان بمثابة حماية للعاملين بهذه القنوات من غضب الناس. أنا لن أتعرض بأذى لأحد العاملين بهذه القنوات، ولكنني لن أستطيع السيطرة على غضب الناس في الشارع ضدهم".
ولهذا فيقول إنه يشعر براحة الضمير لفكرة غلق هذه القنوات، ويرى أن هذا لا يمكن أن يتكرر ضد قنوات أخرى تعادي الخط الرسمي للدولة، طالما أنها لا تقوم بالتحريض على ال***، وبرغم أنه قد صدر قرار بغلق قناة الفراعين لصاحبها توفيق عكاشة، والتي كانت تعادي الإخوان وتنحاز للعسكر في عهد الرئيس مرسي، وغضب الرأي العام ضد هذا باعتباره وجهاً من وجوه أخونة الدولة، ولكن فؤاد يقول إنهما ليسا نفس الحالة: "توفيق عكاشة لا تأثير له، وهو ليس محسوباً عليّ كثائر، ولكن المتحدثين في القنوات الإسلامية محسوبين على الإسلاميين تماماً".
التحريض ي*** أحياناً
أما أماني فهمي، الأستاذة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، فترى أن غلق القنوات الإسلامية كان مجرد خطوة احترازية أمنية. وتقول في حوار مع DW عربية: "أنا في الأساس ضد غلق القنوات. يجب على كل الناس أن تقول رأيها بحرية تامة، ولكن هذه القنوات لم تكن تكتفي بغلق القنوات، وإنما كانت تستخدم السباب والتحريض. وهناك من التحريض ما ي***. بمجرد إلقاء المرشد العام للإخوان المسلمين كلمته في اعتصام رابعة العدوية، والموجهة لمؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، اندلعت الاشتباكات بين رافضي مرسي ومؤيديه، وعندما ألقى مرسي خطابه عن نصرة سوريا خرج الشيخ محمد حسان وقال له: يا ريس نستحلفك بالله ألا تسمح بدخول الرافضة – أي الشيعة – مصر، وبعدها حدثت م***ة أبو النمرس التي قُتل فيها عدد من الشيعة في قرية صغيرة".
فهمي لا تخاف من أن يكون غلق هذه القنوات سابقة ستتكرر فيما بعد، والسبب أن الفريق عبد الفتاح السيسي في بيانه للشعب أعلن أنه سوف يكون هناك ميثاق شرف إعلامي يلتزم جميع الإعلاميون به: "هناك في لائحة التلفزيون المصري مادة تقضي بضرورة الالتزام بالآداب والأخلاق العامة، وهذه عبارة مطاطة للغاية، ولكن مع ميثاق الشرف الصحفي سوف تكون هناك مرجعية يلتزم بها جميع الإعلاميين".
صحيح أن مرسي قال إنه لن يُقصف قلم في عهده، ولكن الممارسات داخل التلفزيون المصري كانت عكس ذلك حسب رأيها، حيث لم يكن يُسمح باستضافة أي ضيف بدون أن يكون معه ضيف ينتمي لحزب الحرية والعدالة: "هذه ممارسة غير صريحة، وفي هذه الحالة أفضل الالتزام بالمباشرة وغلق القنوات، وهذا بدل أن يحدث اقتتال داخلي عندنا شبيه بما حدث في سوريا".
ولكن في نفس الوقت ليس هناك قناة أخرى تعرض ما يحدث في اعتصام الإسلاميين برابعة العدوية، حيث لم تكن تعرضه سوى القنوات الدينية، ولكن هذا في رأيها حدث بسبب أن المعتصمين لا يسمحون بدخول الإعلام المستقل لاعتصامهم، فقد تم منع قنوات الحياة وأون تي في والمحور من دخول الاعتصام.
كان يمكن الالتزام بالقانون
وعلى العكس من ذلك يبدي عماد مبارك، مدير مركز حرية الفكر والتعبير، قلقه الشديد من غلق القنوات الإسلامية، ويرى أن غلق هذه القنوات قد جاء في ظروف استثنائية. لكن حتى في الظروف الاستثنائية لا يجوز مخالفة القانون، ويقول في حواره مع DW عربية إن المشكلة أنه ليست هناك شفافية في هذا الموضوع، وبالتالي فلن يستطيع أحد معرفة سبب أي إجراء استثنائي ولا دوافعه، ويتابع: "ما يمكن عمله هو التقدم ببلاغ يقول إن هناك شخصاً ما يحرض على ال***، ويتحرك النائب العام ويطلب ضبط هذا الشخص، وهذا إجراء لن يستغرق يوماً واحداً، ويضاف لهذا أن الجميع كانوا يرون تحريض هذه القنوات على ال*** منذ شهور طويلة، فلماذا لم يتم تحريك دعوى ضدها بالأسابيب القانونية؟"
هناك عدة تحفظات أخرى لديه على غلق القنوات، منها أنه لو أراد متابعة ما يحدث في رابعة العدوية، حيث يعتصم مؤيدو محمد مرسي، فلن يستطيع و"كأن هناك توجهاً في الإعلام الحكومي والإعلام المستقل بتجاهل ما يحدث عند رابعة العدوية، وبالتالي فلن نستطيع معرفة ما يحدث هناك، كما أنك لو أردت إقناع الناس بأن الإخوان مجرمين، فحاول أن تنقل عنهم ليبدو منطقك مقنعاً". ويضاف لذلك قلقه من احتمال تكرار هذا الأمر مع سائر القنوات: "طالما أننا نبارك قرارات قمعية يتخذها الجيش ضد أعدائنا، فلا يوجد هناك ما يمنع أن يتم توجيه قرارات مثل تلك ضدنا أيضاً".