أيها المسلمون، طالبٌ نجيب يتقد حماسًا ويثور ذكاءً، اهتم به معلمه، وظل يحسن تربيته ورعايته نظير هذا الذكاء وتلك الحماسة، وظل ذلك المعلم يمارس دورًا فقِد في أزماننا هذه كثيرًا، حين ظل يعمّق القيم في تدريسه، يهتم بالمعاني والآثار المترتبة على تعليمه، ويجهد في ذلك جهدًا عظيمًا. وفي يوم من الأيام أراد أن يجرّب أثر ذلك التعليم على أرض الواقع، فجمع الطلاب حوله وأعطى كلاّ منهم طائرًا، وقال لكل واحد منهم: اذبح هذا الطائر حيث لا يراك أحد، مضى كلّ منهم إلى جهة، وتستّر ما استطاع، وغيّب كل منهم نظر الناس والدواب والحشرات عما يريد وذبح طائره، ورجع هؤلاء الطلاب وكلّ قد تخلّص من ذلك الطائر غير طالب واحد عاد بطائره بين يديه، فسأل المعلم المربي كل واحد من أولئك الطلاب: أين ذبح طائره؟ فكلهم ذبحوا ذلك الطائر واجتهدوا أن لا يراهم أحد، وكانوا كلهم يتطلعون لثناء معلّمهم، فالتفت المعلّم إلى صاحب الطائر وقال له: لماذا عدت بالطائر بين يديك؟ فقال قولاً فصلاً قال فيه: إنك أمرتني أن أذبحه في مكان لا يراني فيه أحد، وقد اجتهدت غير أني لم أجد مكانًا يندّ عن نظر الله تعالى، فعدت إليك بالطائر حيًّا، أنّى لي أن أجد مكانًا خاليًا من نظر الله تعالى؟!
وصدق في ما قال، ونجح في الاختبار نجاحًا رائعًا حين أدرك أن عين الله ترقبه، وأن ظلام الليل الحالك مهما اشتدّ سواده لا يعفي من نظر الله تعالى إليه. ورسب أولئك الناظرون إلى أعين الآخرين حين غفلوا عن هذه الرقابة وراقبوا أعين المخلوقين.
أيها المسلم، ما أحوجنا إلى هذه المراقبة! ما أحوجنا إلى هذا الخلق العظيم في حياتنا حين ينطلق المسلم في بيته وسوقه، في حله وسفره، في نهاره وليله، عند وجود الناس أو في الخلوة عنهم، ما أحوجنا إلى هذا الخلق العظيم!
أيها المسلم، تعال نتأمّل في كتاب ربنا، تعالَ نقلب صفحاته لنرى علم الله تعالى ورقابته لسيرنا في ساحة الدنيا الفسيحة، يقول الله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [المجادلة:7]، قال ابن كثير رحمه الله تعالى: "يقول تعالى مخبرًا عن إحاطة علمه بخلقه واطلاعه عليهم وسماعه كلامهم ورؤيته مكانهم حيث ما كانوا وأين ما كانوا... فيطلع عليهم، ويسمع كلامهم وسرهم ونجواهم، ورسله أيضًا مع ذلك تكتب ما يتناجون به مع علم الله تعالى به، وسمعه لهم" اهـ.
والله تعالى قد قرر هذا المعنى في كتابه كثيرًا، ولفت أنظار المتفكرين في كتابه إليه، كما قال تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ [التوبة:78]، وقال تعالى: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ [الزخرف:80]، وقال تعالى: يَوْمَ يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [المجادلة:6]، قال ابن كثير رحمه الله تعالى: "شهيد على أفعالهم، حفيظ لأقوالهم، عليم بسرائرهم وما تكن ضمائرهم" اهـ، وقال السعدي رحمه الله تعالى: "الشهيد المطلع على جميع الأشياء، سمع جميع الأصوات خفيها وجليها، وأبصر جميع الموجودات دقيقها وجليلها، صغيرها وكبيرها، وأحاط علمه بكل شيء، الذي شهد لعباده وعلى عباده بما عملوه" اهـ.
كما قال تعالى وهو يخبر عن يوم القيامة واطلاع الله تعالى على أعمال الأمم: فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ [الأعراف:6، 7]، قال الأصبهاني رحمه الله تعالى: "فينبغي لكل عامل أراد عملاً صغر العمل أو كبر أن يقف وقفة عند دخوله فيه، فيعلم أن الله تعالى شهيد عليه، فيحاسب نفسه، فإن كان دخوله فيه لله وإلا رد نفسه عن الدخول فيه وتركه" اهـ.
وقال الله تعالى وهو يقرر هذه الرقابة الربانية: وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [يونس:61]، وقال تعالى: يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنْ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنْ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا [النساء:108].
أيها المسلم، إن هذه الرقابة دليل على الخشية والتعظيم لله تعالى، ومتى ما انفرط عقدها من حياة الإنسان وخلي منها القلب ضاع مصير هذا الإنسان، وضل عن الطريق، وتاه عن صراط الله المستقيم، وقد عرض النبي حالة توجل منها القلوب وتذرف منها الدموع حين قال: ((ليأتين أناسٌ من أمتي معهم حسنات كجبال تهامة بيض، يكبهم الله تعالى على وجوههم في النار))، قال ثوبان: صفهم لنا يا رسول الله! جلهم لنا! فقال : ((يصلون كما تصلون، ويصومون كما تصومون، ولهم ورد من الليل، غير أنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها)) صححه الألباني.
أيها المسلم، هذا الخلق ـ أعني خلق المراقبة ـ خلق عظيم، متى ما تدثّر الإنسان به فاح ذكره وطيبه، ونال من خيري الدنيا والآخرة ما تكون سعادته. قال ذو النون: "علامة المراقبة إيثار ما أنزل الله، وتعظيم ما عظّم الله، وتصغير ما صغّر الله"، وقيل: "من راقب الله في خواطره عصمه الله في حركات جوارحه"، قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "وأرباب الطريق مجمعون على أن مراقبة الله في الخواطر سبب لحفظها في حركات الظواهر، فمن راقب الله في سرّه حفظه الله في علانيته" اهـ، وقال ابن رجب رحمه الله تعالى: "وفي الجملة فتقوى الله في السر هي علامة كمال الإيمان، وله تأثير في إلقاء الله لصاحبه الثناء في قلوب المؤمنين. قال أبو الدرداء: ليتّق أحدكم أن تلعنه قلوب المؤمنين وهو لا يشعر، يخلو بمعاصي الله فيلقي الله له البغض في قلوب المؤمنين. وقال سليمان التيمي: إن الرجل ليصيب الذنب في السر، فيصبح وعليه مذلته. وقال غيره: إن العبد ليذنب الذنب فيما بينه وبين الله تعالى ثم يجيء إلى إخوانه فيرون أثر ذلك عليه... فالسعيد من أصلح ما بينه وبين الله، فإنّ من أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الخلق. ومن أعجب ما روي في هذا عن أبي جعفر السائح قال: كان حبيب أبو محمد تاجرًا يكري الدراهم، فمرّ ذات يوم بصبيان فإذا هم يلعبون فقال بعضهم لبعض: قد جاء آكل الربا، فنكّس رأسه وقال: يا رب، أفشيت سري إلى الصبيان، فرجع وجمع ماله كله وقال: يا رب، إني أسير وإني قد اشتريت نفسي منك بهذا المال فأعتقني، فلما أصبح تصدّق بالمال كله وأخذ في العبادة، ثم مر ذات يوم بأولئك الصبيان فلما رأوه قال بعضهم لبعض: اسكتوا فقد جاء حبيب العابد، فبكي رحمه الله" اهـ.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العلي العظيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب لعالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
وبعد: إن منزلة المراقبة منزلة عظيمة جدًا في طريق السائرين إلى الله تعالى، وهي عون المؤمن على الوصول إلى درجات الجنان ومنازل رضا الرحمن.
أيها المسلم، المراقبة سرّ بين الله تعالى وبين العبد، يعظم العبد ويعزّ في عين الله تعالى وأعين المخلوقين على قدر عظمة هذه المنزلة وصغرها في قلبه، فإذا أراد أن يتكلّم بكلمة نظر لماذا يخرجها الآن؟ وما المصالح المترتبة على إخراجها؟ وهل هي في مرضاة الله أو سخطه وغضبه؟ وهل هي في ميزان الحسنات أو ميزان السيئات؟ وهكذا كل أعماله التي يعملها ينبغي أن ينظر لها بمثل هذا النظر، وهذا هو العمل بمقتضى اسم الله تعالى الرقيب، ونظرٌ خاص إلى الأعمال التي يعملها، فيصحح أولاً مقصدها والمراد منها، ويخلص فيها القيام لرب الأرض والسماء، فإذا صحح نظر البداية اهتمّ بالأداء وصححه على وفق السنة، وعالج فيها أسباب القبول، وحرص على أن يقدمها لله وهي في أزكى صورة وأبهى حلة، ونظر في نهايتها بالاستغفار والتوبة ليختم نهايتها بالقبول، وهكذا المؤمن في صلاته وصدقته وصيامه وحجه وسائر أعماله الظاهر منها والباطن، ومتى كان المؤمن يستشعر عظيم مراقبة الله تعالى صحت منه الخواطر، وسلمت الظواهر، وكان القبول أحرى وأولى وأعجل. وقد أحسن القائل حين قال:
إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل: خلوت ولكن قل عليّ رقيب
ولا تَحسبـن الله يغفـل ساعـة ولا أن مـا يخفى عليه يغيب
لهونـا عن الأيـام حتى تتابعـت ذنوبٌ على آثارهنّ ذنـوب
سئل بعضهم: بم يستعين الرجل على غض بصره عن المحظورات؟ فقال: بعلمه أن رؤية الله تعالى سابقة على نظره إلى ذلك المحظور. قال زيد بن أسلم: مرّ ابن عمر براعٍ فقال: هل من جزرة؟ فقال الراعي: ليس ها هنا ربها، قال ابن عمر: إذا سألك عن غيابها فقل له: أكلها الذئب، قال: فرفع بصره إلى السماء وقال: فأين الله يا ابن عمر؟! فأعتقه وأعطاه الغنم. جوّد إسناده الألباني في مختصر العلو (1/127).
وفي الصحيح أن امرأة ألمت بها حاجة في سنة من السنين، وطافت من يغيثها فلم تجد إلا ابن عم لها، فاشترط عليها أن تخلّي بينه وبين نفسها، فرفضت ورضيت بالحاجة على أن تخون عرضها أو تكسر حياءها وعفتها، ودارت الأيام فازدادت بها الحاجة فعادت إليه مجبَرة تطلب مالاً، فعرض عليها مرة أخرى نفس الطلب، فوافقت لحاجتها، ولما جلس منها ما يجلس الرجل من امرأته لم تغب عنها مراقبة الله تعالى فذكّرت بها صاحبها وقالت له: اتَّق الله، لا تفض الخاتم إلا بحقه، فتذكّر مراقة الله تعالى وقام وتركها. وهكذا هي المراقبة تظلّ كالجبل الأشمّ في أعين الخائفين، وظلت ماثلة في عين هذه المرأة رغم السنون التي ألمّت بها، وهكذا هو المؤمن التقي.
راود رجل امرأة حتى وافقته على ما أراد، فأدخلها قصرًا مشيدًا، وحين أرادها طلبت منه أن يحكم الأبواب، فأحكم غلقها جميعًا، وعاد إليها فرحًا بموافقتها، وحين جلس إليها وقد استحكمت شهوته على خاطره قالت له: أقفلتَ جميع الأبواب؟ قال: نعم، قالت: بقي باب لم يقفل، قال: أي باب؟ قالت: الباب الذي بيننا وبين الله تعالى، فاقشعر جلده وتركها وقام.
ويقع آخر تحت وطأة الشهوة حتى انفرد بتلك الحسناء في ليلة مظلمة لم تبدُ فيها غير تلك النجوم فقالت: ألا يرانا أحد؟ قال: ومن يرانا في ظلام كهذا غير الكواكب؟! فقالت: وأين مكوكِبها، فقام وتركها.
قلـوب العارفين لَها عيـون ترى ما لا يـراه الناظرونـا
وألسنـة بسـرٍّ قد تناجـي تغيب عن الكرام الكاتبينـا
وأجنحة تطير بغيـر ريـش إلى ملكـوت رب العالمينـا
فتسقيها شراب الصدق صرفًا وتشرب من كؤوس العارفينا
أيها المسلم، المراقبة خلق عظيم يأتي من تعظيم أمر الله تعالى، ومعرفة أسمائه وصفاته، وإدراك سر ربوبيته وألوهيته عز وجل، وكثير من أولئك الذين يتجاوزون هذا الستر بينهم وبين الله تعالى لم يدركوا معاني هذه الأسماء والصفات.
أيها المسلم، نحن في أمس الحاجة إلى التربية العظيمة على هذا الخلق في حياتنا أولاً، وطريق ذلك دراسة أسماء الله تعالى وصفاته: الرقيب، الشهيد، المحيط، العليم، فإن هذه دلائل ربوبية الله تعالى. ومتى ما أولاها المسلم عنايته عرف عظيم سلطان الله تعالى عليه. وهذه الأسماء وغيرها هي في كتاب الله تعالى، ومن قرأ القرآن متأملاً في هذه الأسماء ووقف عند كل اسم أو صفة متفكرًا متمعّنًا أدرك ذلك بيّنًا واضحًا، وعظم الله تعالى في قلبه، وعظّم أوامر الله تعالى في حاله. ومن ثم فالمسؤولية عظيمة جدًا، ولا طريق للخلاص منها إلا بتعظيم أمر الله تعالى.
لقد حكى الله تعالى أحوال قوم يقدمون على الله تعالى فتفضحهم جوارحهم، وتشهد عليهم بما عملوا كما قال تعالى: حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمْ الَّذِي ظَنَنتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنْ الْخَاسِرِينَ [فصلت:20-23]. وليس هناك بين يدي الله تعالى يوم القيامة غير هذه المواقف عافانا الله وإياكم شر الغفلة عن رب العالمين.
وإذا كان هذا يوم القيامة حين لا ينفع الندم ولا الحسرة فإن بين يدي الدنيا آثارًا عاجلة لضعف هذا الخُلُق، فلا تجد في الغالب الأعم ممن يقع في حرمات الله تعالى إلا وقد ضاع صيته بالسوء، وانتشرت عليه القالة بين الناس، وعاد حامده ذامًّا، وأنت تراه لا تقبله القلوب، بل تفرّ منه، ولا تقوى على السكن إليه، وهذا سر من أسرار الله تعالى، وهو واضح مشاهد لا يحتاج إلا دليل.
ومن آثار ضعف هذه الرقابة العقوبات التي تلمّ بالإنسان من آثار ذلك، وأوضح الأمثلة على ذلك أكل الربا والتهاون بالحرمات ونحو ذلك، وما الأسهم إلا مثال من أمثلة كثيرة هي خلف هذه الآثار، وكذلك ما العقوبات التي تنتشر في البيوت من الطلاق أو الخلاف والتنازع والمخدرات ونحو ذلك إلا بعض آثار ذلك، والله المستعان.
ألا وصلوا وسلموا على خير البرية...