• يا من لا تراه في الدنيا العيون ولا تخالطه الظنون ولا يصفه الواصفون ولا تغيره الحوادث ولا الدهور ولا يخشى الدوائر ويعلم مثاقيل الجبال ومكاييل البحار وعدد قطر الأمطار وعدد ورق الأشجار وعدد ما أظلم عليه الليل وأشرق عليه النهار, ولا تواري منه سماء سماءاً ولا أرض أرضاً ولا بحر ما في قعره ولا جبل ما في وعره, هو الأول فليس قبله شيء وهو الآخر فليس بعده شيء وهو الظاهر فليس فوقه شيء وهو الباطن فليس دونه شيء أولاً بلا ابتداء وآخر بلا انتهاء يسمع ويرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء, يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور, يدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار يسمع كل المخلوقات في آن واحد ويرزقها في آن واحد ويقضي حوائجها في آن واحد, هو الحليم الذي لا يعجل والوهاب الذي لا يبخل, يملك حوائج السائلين ويعلم ضمائر الصامتين, يقدم من يشاء بفضله ويؤخر من يشاء بعدله, قريب غير بعيد وأنيس كل وحيد وصاحب كل فريد, عز كل ذليل وقوة كل ضعيف وغياث كل ملهوف وقاصم كل جبار, من تكلم سمع نطقه ومن سكت علم سره ومن عاش فعليه رزقه ومن مات فإليه منقلبه, هو راحم الشيخ الكبير ومطلق الأسير ورازق الطير والطفل الصغير, تيسير العسير على الله يسير ولا يحتاج إلى بيان وشرح وتفسير يعلم ما في السماوات وما في الأرض وهو على كل شيء قدير, رب المشارق والمغارب رب المشرقين ورب المغربين رب السماوات السبع وما أظللن ورب الأرضين السبع وما أقللن ورب الرياح وما ذرين ورب الشياطين وما أضللن ورب الأنهار والبحار وما جرين رب العالمين, يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء ويهدي من يشاء ويضل من يشاء ويختص برحمته من يشاء ويؤيد بنصره من يشاء ويحيي من يشاء ويميت من يشاء ويبعث من يشاء ويفعل ما يشاء ويدبر الأمر من السماء إلى الأرض كيفما شاء وإلى ما شاء لله المشيئة من قبل ومن بعد وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين, لا ينفعه شيء ولا يضره شيء ولا يحتاج إلى شيء ولا يستعين بشيء ولا يغيب عنه شيء خالق كل شيء ورازق كل شيء ومالك كل شيء ومليك كل شيء ومبدي كل شيء ومصور كل شيء وسميع بكل شيء وبصير بكل شيء وخبير بكل شيء, ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
• إن جميع الفوز والفلاح فقط بيد الله جل جلاله (فالمال وأهل المال لا يملكون ذرة فوز أو فلاح ففوزهم وفلاحهم هو فقط بيد الله, قارون كان عنده المال ولكنه ما امتثل أمر الله فالله جعل خسارته بسبب هذا المال في الدنيا والآخرة وكذلك فرعون مثال الملك وقوم عاد مثال القوة وقوم سبأ مثال الزراعة وقوم شعيب مثال التجارة). والله عنده خزائن كل شيء( العزة والذلة والفقر والغنى والمرض والصحة وكل شيء من خزائن الله سبحانه وتعالى, وكل شيء بالنسبة للذي في خزائن الله لا شيء, فالذهب الذي في الدنيا بالنسبة للذهب الذي في الجنة كنقطة في بحر, والذهب الذي في الدنيا والذي في الجنة والذي سيخلقه الله تبارك وتعالى بالنسبة للذي في خزائن الله لا شيء). وهو خالق الأشياء والأحوال (الله تبارك وتعالى خلق السموات وخلق الأرضين وخلق الشجر والحجر والإنس والجن من غير مثال سابق, خلقهم من العدم, كان الله وما كان شيء, الله أخرج لقوم صالح ناقة عشراء من صخرة صماء وخلق آدم من تراب وعيسى من أم بدون أب. وكل شيء خلقه الله عز وجل جعل له صفة وحال, فصفة الشيء ليست من ذاته بل صفته من الله تعالى, فجميع الأشياء كأوعية فارغة في الحقيقة وضع الله فيها من الضرر والنفع ما شاء ويغيرها متى يشاء سبحانه. فالإنسان جسد وروح فإذا خرجت الروح من الإنسان فالعين موجودة ولكن لا ترى واليد موجودة ولكن لا تبطش واللسان موجود ولكن لا يتكلم! ما السبب؟ السبب خروج الروح. وما هي الروح؟ (يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي) فحقيقة النظر هو بتأثير الروح فالعين عبارة عن مدخل للنظر وهكذا اللسان يتكلم بتأثير الروح فيه وهو عبارة عن مخرج للكلام, فالله تعالى لا يحتاج للسان حتى الإنسان يتكلم فيوم القيامة تختم على أفواه الكفار وتنطق جلودهم وأيديهم وأرجلهم, والنبي صلى الله عليه وسلم يقول إني لأعرف حجراً في مكة كان يسلم علي. والجذع الذي صاح لفراقه في المسجد, وكذلك الأمثلة في المال ليس في ذاته قضاء الحوائج فقضاؤها صفة أودعت فيه من الله, والدواء ليس في ذاته الشفاء فالشفاء صفة أودعها الله في الدواء فالدواء حتى يشفي فهو محتاج إلى الله والله حتى يشفي فهو غير محتاج إلى الدواء فالله يشفي بالدواء وبغير الدواء, والطعام ليس في ذاته الشبع فالله أودع فيه صفة الإشباع فالله غير محتاج إلى الطعام في الإشباع وإلا من كان يطعم أهل الكهف ويونس في بطن الحوت, والسلاح ليس في ذاته النصر فالله قادر أن ينصر بدون السلاح كما نصر أهل بدر). يفعل ما يشاء بقدرته ولا يحتاج إلى أحد من خلقه وهو الصمد (الله تعالى خلق السموات و الأرضين والعرش بقدرته ولا يحتاج إلى أحد من خلقه فحملت العرش محتاجون أن يحملوا العرش إلى الله, فالله تبارك وتعالى أعانهم بقوته فهو غني بذاته وصفاته عن مخلوقاته. خلق ملك الموت ليقبض أرواح الخلق وملك الموت محتاج إلى الله في قبض أرواح الخلق والله ليس محتاج لملك الموت لقبض أرواح الخلق. والصمد الذي تصمد إليه المخلوقات في قضاء حوائجها) . هو الذي جعل فلاحنا جميعاً وفلاح جميع البشرية في الدنيا والآخرة فقط بامتثال أوامر الله على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.فكيف يترسخ هذا اليقين في قلوبنا وقلوب الناس جميعاً, لابد من الجهد على نهج الرسول صلى الله عليه وسلم, وهذا الجهد يحتاج إلى تفريغ الأوقات.