بعضهم تحولوا إلى المسيحية
القطب الشمالي: مسجد مفتوح دون مصلين رغم وجود50 ألف مسلم
مسجد نورد كمال المقام في موقع بارز على طرف مدينة نوريلسك
نوريلسك (روسيا)-رويترز
رحل جد موكوم صديقكوف عن مدينة نوريلسك بعد أن نجا من معسكرات السخرة في عهد الدكتاتور السوفيتي جوزيف ستالين.
وحذا صديقوف خادم المسجد الذي يقع في القطب الشمالي حذو جده بحثا عن العمل الذي يتقاضى منه أجرا طيبا في القطب الشمالي بروسيا.
وهو الان يقدر أن المدينة تضم نحو 50 ألف مسلم أي أقل من ربع سكان المنطقة البالغ عددهم نحو 210 الاف نسمة أغلبهم من أذربيجان وجمهورية داغستان الروسية ويعملون تجارا أو عمال بناء.
ولكن بعد أن أصبحت الاجور متدنية عن مدن روسية أخرى وفرض نوريلسك قيودا على دخول الاجانب يقول صديقوف انه لم يعد هناك مسلمون يحضرون الى هنا.
وقال صديقوف (40 عاما) وهو أوزبكي الاصل وعاش في قرغيزستان "عدد السكان بدأ يتقلص. الناس يرحلون."
يطل مسجد نورد كمال المقام في موقع بارز على طرف نوريلسك الحديثة حيث تنخفض الحرارة الى 50 درجة تحت الصفر. وتهب الرياح القطبية بشدة على سقفه الذهبي ويتكدس الصقيع على الجدران ذات اللون الفيروزي في الشتاء.
قال صديقوف "الناس يعملون مقابل دراهم معدودة. انهم يأتون هنا ويخسرون صحتهم. كل ثانية يصاب أحدهم بالمرض."
وتقع هذه المدينة فوق واحدة من أكثر المناطق ثراء بالمعادن في العالم. وأقام سجناء سياسيون أول مصهر للمعادن في المدينة في الثلاثينيات وفي الوقت الراهن هناك ثلاثة مصانع ينبعث منها دخان كثيف مشبع بالكبريت في الهواء.
وفي العام الماضي اختارت مجموعة عمل بيئية مستقلة تدعى معهد بلاكسميث المدينة واحدة بين أكثر عشرة أماكن تلوثا في العالم. ويستثمر مصنع نوريلسك نيكل وهو المصنع الرئيسي في المدينة مبالغ كبيرة لخفض الانبعاثات.
ويوجد في روسيا أكثر من 20 مليون مسلم أي نحو 14 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم 140 مليون نسمة.
ومسلمو اسيا الوسطى وداغستان من السنة في الاغلب في حين أن مسلمي أذربيجان من الشيعة وليس هناك عداء بين الطائفتين في نوريلسك وكثير من مسلمي الاتحاد السوفيتي السابق ليسوا من الحريصين على تأدية الشعائر.
وقال صديقوف "هناك الكثير من المسلمين ولكن عددا محدودا يذهب للمسجد. انهم يعملون طوال اليوم وفي المساء يشعرون بالارهاق."
أقام مختد بك مييف المسجد الذي افتتح عام 1998 وهو من أصل تتري وكان من سكان نوريلسك ويقيم حاليا في مدينة سوتشي المطلة على البحر الاسود على بعد نحو أربعة الاف كيلومتر. وأطلق اسم والديه على المسجد وسيدفع مقابل ترميمه هذا العام.
ترك صديقوف مدينة اوش في قرغيزستان بحثا عن العمل. خدم في الجيش السوفيتي في موسكو وعاش في مدينتين أخريين بسيبيريا قبل وصوله الى نوريلسك قبل سبع سنوات.
واجتذبت الاجور المرتفعة نسبيا عن باقي البلاد العمال من أنحاء الاتحاد السوفيتي الى نوريلسك في الوقت الذي زادت فيه المناجم ومصاهر المعادن.
ويقول صديقوف ان متوسط الاجر الشهري الذي يتراوح بين 25 ألف و30 ألف روبل (962 - 1154 دولارا) لم يعد كافيا للحياة الكريمة هناك.
والمسلمون ليسوا وحدهم من يترك نوريلسك اذ ان اجمالي سكان المدينة ينخفض نحو خمسة الاف شخص سنويا.
وجد غير الروسيين خاصة من أذربيجان وغيرها من دول اسيا الوسطى السوفيتية سابقا أن دخول نوريلسك أصبح أكثر صعوبة منذ عام 2002 بعد اعادة قيود كانت مفروضة على دخول الاجانب. وهم الان يحتاجون الى تصريح خاص لزيارة نوريلسك.
وفي حين أن مصنع نوريلسك نيكل ورئيسه المنتهية ولايته ميخائيل بروخوروف كشف عن خطة للابقاء على العمال المهرة في المدينة واجتذاب وجوه جديدة يقول صديقوف انه ليس هناك خطوات ملموسة تتخذ لمساعدة المسلمين.
ولكن مسلمي نوريلسك اندمجوا جيدا داخل المجتمع الاوسع ولا يعانون من تمييز يذكر ضدهم. ويقول سكان ان على مدى أجيال اعتنق بعض المسلمين الوافدين من المناطق الروسية في القوقاز المسيحية.
يترك صديقوف المسجد مفتوحا حتى وقت متأخر من المساء لمن يرغب في دراسة القران. وهناك ما بين 500 و600 يحضرون صلاة الجمعة.
وأردف قائلا "يتعين على المسلمين أن يتوجهوا الى المسجد مرة واحدة أسبوعيا على الاقل. هذا لا يتحقق هنا."