وهذا من أعظم الأدب مع الله تعالى فإن المؤمن متى وقر في نفسه أن الله تعالى سميع لكل كلام بصير لكل عمل عالم بكل سر ورقيب عليه مطلع إليه قائم على كل نفس بما كسبت حينئذِ يستحي من الله تعالى أن يراه متكلماً بسوء ، أو فاعلاً لشر، أو ساعياً في فساد ، ويكون هذا الاستحياء من الله تعالى ملازماً له في كل أحواله لا ينفك عنه ..
ولا يفارقه أبدا ولاسيما في الخلوات إذا خلا الإنسان بعيداً عن أعين الخلق ونفرد بنفسه فإذا به يستشعر معية الله تعالى له وحينئذ يستحي من الله تعالى أن يراه على معصية وهذا الاستحياء من أنفع الأشياء للعبد..
وله آثار عظيمة جدا منها :
1 ـ المسارعة إلى الطاعة والبعد عن المعاصي :
وذلك حياء من الله تعالى أن يطلع على عبده المؤمن وهو تارك للأمر أو مرتكب للنهي فإن المؤمن يستحي من الله عز وجل أن يراه كذالك ...
2 ـ غرس خلق الحياء في المؤمن :
فإن من أعتاد الحياء من الله زجره ذلك الحياء لفعل القبيح فإن الحياء يصير سجيه له وطبيعة فيه لا تفارقه فيصبح حييا مع الناس ويزجره ذلك الحياء عن فعل ما يستقبح والحياء من الإيمان كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالى عنه ـ الإيمان بضع وسبعون شعبة ، أفضلها قول :لاإله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان ))رواه مسلم .