عمل اليوم والليلة
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره
أما بعد :
فاتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ اتقوا الله و آمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته و يجعل لكم نوراً تمشون به و يغفر لكم والله غفور رحيم .
أيها المسلمون :
هاهو رمضان قد انتهى فمن كان يعبد رمضان فإن رمضان قد فات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، لقد انتهى شهر القيام وانتهى شهر الصيام، وقد ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر فيا ليت شعري من المقبول فيه فنهنيه ومن المطرود المحروم منا فنعزيه.
لقد مضى شهر رمضان المبارك وترك الناس قسمين :
ففريق مأجورون مشكورون ، لم ينقض رمضان حتى غفر لهم ، وبدلت سيئاتهم حسنات، وأصبحوا من عتقاء الله من النار، وفريق آخر خاسرٌ لم يظفر من نفحات المغفرة والرحمة في الشهر الكريم بشيء، ووالله إنه لمسكين من أدرك هذا الموسم العظيم ثم لم يظفر من مغانمه بشيء ما حجبه إلا التفريط والإهمال.
وإن مما يحزن النفس ويؤلم القلب أنك ترى كثيراً ممن عطروا المساجد بأنفاسهم الزكية في رمضان يعرضون عن طاعة رب البرية بعد رمضان، والأدهى من ذلك والأمر أن يوفق أناس للعمل الصالح في رمضان حتى إذا انتهى الشهر الكريم وانقضى نقضوا ما أبرموا من عهود ونكصوا على أعقابهم خاسرين ، سئل بعض السلف عن قوم يجتهدون في شهر رمضان فإذا انقضى ضيعوا وفرطوا فقال : بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان.
وقال الحسن : أبى قوم المداومة، والله ما المؤمن الذي يعمل شهراً أو شهرين أو عاماً أو عامين، لا والله ما جعل لعمل المؤمن أجل دون الموت.
وقرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يخطب الناس على المنبر : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ..... ) فقال : استقاموا والله على طاعة الله ، ثم لم يروغوا روغان الثعلب .
أيها المسلمون :
ما أجمل الطاعة إذا تبعتها الطاعة، وما أجمل الحسنة تتلوها الحسنة، والمؤمن يتقلب بأنواع العبادات وألوان العمل الصالح الذي هو قرين الإيمان في كتاب الله، و كل بني آدم خاسرٌ إلا من آمن و عمل صالحاً.
و لا بد للمؤمن من معرفة العمل الصالح لكي يحتسب الأجر في جزئيات حياته التي لا يأبه لها كثيٌر من الناس، وإن العمل الصالح أيها المسلمون له ميدانه الفسيح ومفهومه الواسع، فهو يشمل أعمال القلوب و الجوارح ، في الظاهر و الباطن .
وإن من الأعمال الصالحة ما يمتد إلى ما بعد الممات . . من الصدقة و العلم و الذرية الطيبة . . « إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة : إلا من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ».
أيها الأخوة : إن من الأعمال التي يقوم بها الإنسان أعمالاً يومية معتادة ، بل منها ما هو من لوازم بناء الحياة، و لكنها تكون أعمالاً صالحةً محسوبةً في ميزان العبد، إذا صحَّت بها النوايا، و استقامت على الطريقة، و أُتقن أداؤها؛ فاحفظوا أوقاتكم رحمكم الله، و لا تحقروا من الأعمال شيئاً، فكل عمل في الإسلام معتبر، مهما قلَّ أو صغر « فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره».
إن العمل الصالح بشتى أنواعه و ألوانه . . يحفظ على المرء دينه و عرضه ، و يُكْسِبُ الحياةَ المطمئنة الطيبة، و يقود إلى الخير و راحة البال (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
و أعمالكم سوف يراها ربكم و نبيكم و المؤمنون : (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ).
وإن الله بحكمته قد شرع للمسلم في يومه وليلته أعمالاً كثيرة، هي يسيرة على من يسرها الله عليه، فإذا ذهب وقتها فات الإنسان أجرها، وعليه الحفاظ على ما يستقبل منها، أما ما مضى فقد فات؛ لأنها متعلقة باليوم والليلة، تأتيك فرصتها كل يوم، من حافظ عليها حاز الأجر الوفير ورجع بالخير الكثير، ومن ضيعها فقد ضيع نفسه وباعها بالهوالن وأبخس الأثمان، إذ فيها يجمع الأجر ويغتنم العمر، ويتقرب إلى الله العزيز الحميد .
ولك أن تتأمل معي ذلك التوفيق العظيم لصديق هذه الأمة عندما يوفق لجمع الكثير من الأعمال الصالحة في يومه وليلته فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ:أَنَا، قَالَ: فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً، قَالَ أَبُو بَكْرٍ :أَنَا، قَالَ: فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَنَا، قَالَ: فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ :أَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ. رواه البخاري وغيره، ولا شك أن هذا من توفيق الله لصديق هذه الأمة.
والمؤمن يدعو الله : ا(للهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) ، فإذا استجاب الله دعائه ووفقه سهل عليه الأعمال العظيمة ويسرها له وبارك له في وقته وبدنه لكي ينال منها النصيب الأوفر والحظ الأعظم، وإذا لم يحرص الإنسان عليها ولم يسأل الله تيسرها فإنه لا حول له ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
معاشر المسلمين :
لقد جاءت الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة بالحث على كثير من الأعمال في اليوم والليلة:
منها: المحافظة على الصوات المكتوبات بركوعهن وسجودهن ومواقيتهن فهذه الصلاة هي عمود الإسلام وأعظم أعمال اليوم والليلة.
ثم يحافظ المسلم على السنن التابعة لها وهي المسماة بالرواتب وهي: ركعتان قبل الفجر وأربع ركعات قبل الظهر وركعتان بعدها ، وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء.
وقد كان السلف الصالح رضوان الله عليهم إذا عرفوا الطريق لزموه ولا يتركون شيئاً علموا فضله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتأمل يا أخا الإسلام في حديث السنن الرواتب الذي روته أم حبيبة رضي الله عنها ، وماذا قال رواته عن أنفسهم لما علموا به.
روى مسلم من طريق النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ أُمَّ حَبِيبَةَ تَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ عَنْبَسَةُ فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ أُمِّ حَبِيبَةَ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ مَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ عَنْبَسَةَ وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ سَالِمٍ مَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ .
إخوة الإسلام :
ثم يحافظ المسلم بعد الفرائض والرواتب على الصلوات المسماة بالنوافل وهي: قيام الليل، وصلاة الوتر، وصلاة الضحى،فيحافظ المسلم على قيام الليل بإحدى عشرة ركعة أو بتسع ركعات أو بسبع أو بخمس، أو بثلاث ، أو يوتر بواحدة فقط، ويصلي الضحى أربع ركعات أو اثنتين.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنه «يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل» متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم :« أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل » رواه مسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدع الوتر حضراً وسفراً، وكان بعض السلف لايقبل شهادة الذي لا يوتر، والأمام أبوحنيفة يوجب الوتر، وكل ذلك يدل على تأكده، وفي الحديث عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قال: : (الْوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ ) رواه أبوداود والنسائي ورجح وقفه، وصححه الألباني
وأما صلاة الضحى فقد قالت عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعاً، ويزيد ما شاء الله) رواه مسلم، وعن أنس رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم :«صلاة الأوابين حين ترمض الفصال» رواه مسلم وغيره، أي : حين تشتد الرمضاء في أواسط الضحى على صغار الإبل.
معاشر المسلمين :
ويحرص المسلم أيضاً على أن يكون من الذاكرين الله كثيراً طيلة يومه فيحرص على أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم والاستيقاظ والأذكار الواردة عقب الصلوات المفروضة وأذكار المناسبات في البدء والفراغ من الوضوء و الطعام ونحوهما وفي الدخول والخروج من المسجد والمنزل والخلاء وغير ذلك.
عملاً بأدلة كثيرة متوافرة متظافرة من كتاب الله يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) وقال تعالى ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) وقال سبحانه : (َ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى) (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ،وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ) (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ،وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) .
معاشر المسلمين :
ويحرص المسلم في يومه وليلته على كتاب الله تعالى حفظاً وقراءة وتدبراً بحيث يكون له حزب أو ورد يومي يحافظ عليه سواء كان حفظاً أو تلاوة وقد كان من هدي السلف تحزيب القرآن وتقسيمه فمنهم من يقسمه على شهر ومنهم من يقسمه على سبعة أيام ومنهم من يختمه في ثلاث ليال وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو إلى ختمه كل شهر كما في الصحيحين، فلما قال: إني أطيق أكثر من ذلك أرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى ختمه في أقل من ذلك بحيث لايقل عن ثلاثة أيام.
ولو تفكر المسلمون في عظيم ثواب قراءة القرآن لما فرطوا فيها هذا التفريط الملحوظ عند كثير من المسلمين :
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله تعالى عنه قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ فَيَأْتِيَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُحِبُّ ذَلِكَ قَالَ أَفَلَا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَعْلَمُ أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ وَثَلَاثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الْإِبِلِ) رواه مسلم
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ أَنْ يَجِدَ فِيهِ ثَلَاثَ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ فَثَلَاثُ آيَاتٍ يَقْرَأُ بِهِنَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثِ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ رواه مسلم أيضاً.
إنه أجر عظيم ذلك المترتب على قراءة القرآن ولو حرص المسلم على التبكير لصلاة الجماعة لاجتمعت له أجورٌ وفضائلُ عظيمة، فهو ينال أجر التبكير إلى الصلاة، ويدرك تكبيرة الإحرام، ويدرك الصف الأول، ثم يقرأ آيات من كتاب الله تعالى يحصل له بها الأجر العظيم ، ويستطيع بذلك أن يختم القرآن في أقل من الشهر دون عناء أو تكلف ، وهو في صلاة ما انتظر الصلاة، وصلاته تختلف عن صلاة ذلك الرجل الذي يأتي ولم ينفصل قلبه عن الدنيا فجثمانه في المسجد وقلبه في السوق، ففرق ما بين الصلاتين كالفرق مابين السماء والأرض.
معاشر المسلمين :
ولما كان التبكير إلى الصلاة متضمناً كلَّ هذه الفوائد وزيادةً عليها حرص الشيطان الرجيم على إضلال المسلمين عن حيازة هذه الأجور العظيمة فنرى التقصير في شأن الصلاة حتى من كثير من المنتسبين إلى الخير نسال الله للجميع التوفيق والهداية.
معاشر المسلمين :
وينبغي أن يحرص المسلم أيضاً على بعض الأعمال الدورية وإن لم تكن يومية كالتبكير إلى صلاة الجمعة وصيام الإثنين والخميس وصيام ثلاثة أيام من كل شهر وصيام الستة أيام من شوال وصيام يوم عرفة وصيام يوم عاشوراء وغير ذلك وقد ورد في فضل ذلك أحاديث كثيرة يطول الحديث ببسطها.
ولو تأملنا هذا الحديث في فضل صيام التطوع لعلمنا ماللصيام من منزلة عظيمة في هذا الدين العظيم، يقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم «من صام يوماً في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً » متفق عليه من حديث أبي سعيد رضي الله عنه.
فعليكم يا إخوة الإسلام بصيام التطوع لما فيه من الفضل العظيم وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الشباب الأيامى بالصيام ابتغاء الثواب ولمصالح أخرى في إعفافهم، فهم في الوصية بالصيام مخصوصون أكثر من غيرهم فعليكم بالصيام ياشباب الإسلام فإنه لكم وجاء.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركا ..........
أما بعد :
فيا عباد الله:
هذا هو عمل اليوم والليلة، الذي يكون بسببه التفاضل في الآخرة، يقول الله عز وجل (أنظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً) وليس التفاضل بالمظاهر الدالة على الاستقامة وغيرها، بل التفاضل الحقيقي يكون بما يَقِرُ في القلوب، وتصدقه الأعمال.
ومن أسفٍ أن ترى أناساً ظاهرهم الاستقامة قد قصروا في هذه الأعمال اليومية المعروفة تقصيراً عظيماً، وترى أناساً يحرصون على كثير من أعمال اليوم والليلة لكنهم يقصرون في بعض أوامر الله المتعلقة بالمظهر فلا تظهر عليهم علامات الاستقامة.
ولم نر في عيوب الناس عيباً كعجز القادرين عن التمام.
نطمع منكم ياشباب الصحوة والاستقامة أن تكونوا أنتم القدوات السباقة لأعمال اليوم والليلة ونطمع منكم يا من حرصتم على كثير من أعمال اليوم والليلة ولم تظهر عليكم مراعاة المظهر الإسلامي أن تراعوا هذه الأمور بدءً من اليوم، فالله تعالى يقول : «يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة».
فلا بد أن نأخذ الدين بجميع جوانبه ونحيط به ولا نؤمن ببعض ونكفر ببعض ولا نعمل ببعض ونترك البعض .
إخوة الإسلام :
لماذا لا نطبق ما نعلمُه وما نتعلَّمه ؟ إن هذه مشكلة كبرى !! ينبغي على كل فرد أن يحاسب نفسه فيها جيداً والموفق من وفقه الله لتدارك هذا الأمر العظيم ، وقد كان يثنى في بعض المجالس على أحد طلبة العلم المعروفين ،فأكثر الناس في الثناء عليه، فقال أحدهم هو باختصار لا يتميز عن غيره إلا بأمر واحد ، فقيل كل هذه الفضائل وكل هذا الثناء وهو لا يتميز إلا بأمر واحد قال : إن جميع مزاياه يجمعها أمر واحد هو أنه يعمل بما يعلم ...
وهذه والله مزية أي مزية وهي المزية التي عجز عنها الكثير نسأل الله أن يجعل علمنا حجة لنا ولا يجعله حجة علينا.
معاشر المسلمين :
ومهما عملنا من الأعمال الصالحة فإن حفظها وسلامتها لا يكون إلا بترك المعاصي والمنكرات فإنها فساد في العمل ومضيعة للأجر .
ولكي نتبين أهمية ذلك علينا بتأمل هذين الحديثين :
عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ فَقَالَ إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ رواه مسلم وغيره
وعَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا قَالَ ثَوْبَانُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ قَالَ أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
اللهم أنا نسألك فعل الخيرات...
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات واحفظهم في أفراحهم من المنكرات وبارك لهم في أوقاتهم وأموالهم وأولادهم واحفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم ، واحفظهم من نزغات الشيطان ياحي ياقيوم .
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك