Admin Admin
عدد المساهمات : 1739 نقاط : 5073 السٌّمة : 21 تاريخ التسجيل : 06/04/2013 العمر : 60 الموقع : https://ashrafashoosh.forumegypt.net
| موضوع: خطبة عن الظلم الجمعة 06 نوفمبر 2015, 7:26 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله العلي الأعلم ، علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم ، الحمد الله الذي حرم الظلم ، ومنع الحقوق أن تهضم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الإله الأعظم ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي الأكرم ، عالي الذكر الأشم ، دعا إلى المحبة والسلم ، ونهى عن القهر والظلم ، أفضل من أطاع ربه وأسلم ، صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله وأصحابه أهل الشيم والكرم ، تسنموا أعالي القمم ، بالعزائم والهمم ، ومن سلك سبيلهم الأسلم ، وطريقهم الأقوم ، والتابعين ومن تبعهم . . . أما بعد : فاتقوا الله أيها الناس والتزموا بالميثاق ، وتأسوا بأحسن الأخلاق ، وتذكروا يوم الورود على العليم الخلاق ، وانزعوا من قلوبكم الخلاف والشقاق ، وتحلوا بالصبر والوفاق ، واخشوا يوم الفراق ، إذا التفت الساق بالساق ، مالكم من الله من ولي ولا واق ، قال المدبر الرزاق : { وَمَا يَنظُرُ هَؤُلَاء إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ } . أيها الأخوة الفضلاء : إن الظلم ذنب عظيم ، وإثم مرتعه وخيم ، هو سبب الفساد والفتن ، والبلاء والإحن ، والعقاب والمحن ، الظلم منبع الرذائل والموبقات ، ومصدر الشرور والسيئات ، متى فشا في أمة أذن الله بأفولها , ومتى شاع في بلدة حصلت أسباب زوالها ، وانعقدت دوافع سفولها ، فبه تفسد البلدان والديار , وتدمر الأوطان والأمصار , وبه ينزل غضب الجبار ، قال الله الواحد القهار : { وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً } ، فأين الأمم الظالمة القاهرة ، الغابرة الظاهرة ؟ لقد نزلت بهم الفواجع ، وحلّت بهم المواجع ، فمهما بلغت قوّةُ الظلوم ، وضعفُ المظلوم ، فإنَّ الظالم مقهور مخذول ، مصفّد مغلول ، وأقربُ الأشياء ، صرعة الظلوم ، وأنفذ السهام ، دعوة المظلوم ، يرفعها الحيّ القيوم ، فوق عنان الغيوم ، يقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا تردّ دعوتهم : الصائم حين يفطر ، والإمام العادل ، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ، ويفتح لها أبوابَ السماء ، ويقول لها الرب : وعزَّتي وجلالي لأنصرنَّك ولو بعدَ حين " [ أخرجه أحمد والترمذي وحسنه ] ، فسبحان من سمع أنينَ المظلوم ، المضطهدِ المهموم ، وسمع نداءَ المكروب المغموم ، فرفع للمظلوم مكاناً ، وجعل الظالم مهاناً ، عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : " إنَّ اللهَ لَيُملي للظالم ، حتىٰ إذا أخذَه لم يُفلِتْه " ثم قرأ : { وكذلكَ أخذُ رَبِّكَ إذا أَخَذَ القُرَى وهي ظالمة إنَّ أخذَهُ أليمٌ شديد} [ متفق عليه ] ، فاحذروا الظلم يا عباد الله ، فأجسادكم على النار لا تقوى ، واخشوا القبر ولظى ، فالنار موعد من ظلم وطغى ، قال عالم السر والنجوى : { إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ } . لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً فالظلم ترجع عقباه إلى الندم تنام عينك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم إخوة الإيمان : كم من الناس من يرجو رحمة الله ، ويخشى عقابه ، وهو مع ذلك قد ظلم عباد الله ، واعتدى عليهم في أموالهم وأعراضهم , فأنى يستجاب لهذا ؟ عن أَبي هُريرةَ رضِي اللَّهُ عنْه قَالَ : قِيلَ لِلنَّبي صلى الله عليه وسلم : إِنَّ فُلاَنَةً تَقُوم اللَّيْلَ ، وَتَصُومُ النَّهَارَ ، وَتَفْعَلُ الْخَيْرَاتِ ، وَتَتَصَّدَّقُ ، وَتُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " لاَ خَيْرَ فِيهَا ، هِيَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ " [ أخرجه الحاكم وقال : صحيح الإسناد ، ووافقه الألباني رحمه الله في الصحيحة ] ، فما أقبح الظلم وما أشنع نتائجه ؟ ما أسوأ الظلم وما أفظع خواتمه ؟ ألا فاعلموا عباد الله أن للظلم صور وأشكال ، وأنماط وأمثال ، فمن الظلم أن تعتدي على موظف أو مسكين أو فقير أو غريب لا يملك لنفسه ضرّاً ولا نفعًا ، تحرمه من وظيفته ظلماً وجوراً ، وتمنعه من مرتبة أو درجة محاباة وعدوى ، وتحجزه عن راتبه ومستحقاته عدواناً وهوىً ، فأين الجلساء والأخلاء ، الذين اجتمعوا في ليال ظلماء ، يحيكون المكائد ، وينصبون المصائد ، يخططون للظلم ، ويعملون للجرم { وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } أين الظلمة عن يوم الآذان ، والحرمان من الجنان ، ألم يسمعوا قول الملك الديان : { فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ } ، فالظالم ملعون ، لعنه الله جل جلاله ، ولعنه رسوله صلوات الله عليه وسلامه ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " لَتُؤَدُّنَ الْحُقُوقُ إِلَىٰ أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، حَتَّىٰ يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ " [ أخرجه مسلم ] ، وعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى شَاتَيْنِ تَنْتَطِحَانِ ، فَقَالَ : " يَا أَبَا ذَرٍّ ، هَلْ تَدْرِي فِيمَ تَنْتَطِحَانِ ؟ قَالَ ؟ لاَ ، قَالَ : لَكِنَّ اللهَ يَدْرِي ، وَسَيَقْضِي بَيْنَهُمَا يوم القيامة " [ أخرجه أحمد بإسناد صحيح ] ، قال تعالى : { الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } فاتقوا الله أيها الأصحاب ، وتذكروا يوم الحساب ، واتقوا دعوة المظلوم المجُاب ، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب . أيها الأخوة في الله : ومن أنواع الظلم ، ظلم الأجراء والعمال ، بكل ظلم وإهمال ، وبخسهم حقوقهم ، وحرمانهم أجورهم ، وتأخير رواتبهم ، عن أبـي هريرةَ رضي الله عنه قالَ : قالَ رسولُ الله صَلَّـى الله عَلَـيْهِ وَسَلَّـمَ : قالَ رَبُّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ : " ثلاثةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يومَ القـيامةِ ، ومن كنتُ خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ ، رجلٌ أَعْطَى بِـي ثم غَدَرَ ، ورجلٌ باعَ حراً فَأَكَلَ ثَمَنَهُ ، ورجلٌ اسْتَأْجَرَ أجيراً ، فاسْتَوْفَـى منهُ ولـم يُوْفِه أَجْرَهُ " [ أخرجه البخاري ] ، إن الظلم لا يدوم ولا يطول ، وسيَضمحلّ ويزول ، والدهر ذو صرفٍ يدور ، وسيعلم الظالمون عاقبة الغرور ، يقول الحليم الصبور : { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ } ألا وإن من الظلم اليوم يا عباد الله ، توظيف من لا يستحق ، وتأخير المستحق ، وتقديم المفضول ، وتأخير الفاضل ، ممن اتضح نفعه ، وعلا سهمه وحظه ، لاسيما في أمور الدين ، بدوافع المحسوبية ، أو من أجل قبلية عصبية ، وتجمعات حزبية ، أو مصالح مشتركة ، وواسطة محرمة ، وهذا من أشد الظلم والحيف ، روى الحاكم وصححه من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ المُسْلِمِينَ شَيْئاً ، فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَحَداً مُحَابَاةً ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ ، لاَ يَقْبَلُ اللَّه مِنْهُ صَرْفاً وَلا عَدْلاً ، حَتَّى يُدْخِلَهُ جَهَنَّمَ " فاتقوا الله أيها العباد ، وتذكروا يوم المعاد . عباد الله : ومن أنواع الظلم ، الحلف على يمين كاذبة ، من أجل اقتطاع أرض مغتصبة ، أو أكل حقوق واجبة ، وتالله وبالله لهو ظلم عظيم ، وعقابه وخيم ، ظلم دنيوي ، وعذاب أخروي ، قَالَ صلى اللّهِ عليه وسلم : " مَنِ اقْتَطَعَ أَرْضاً ظَالِماً ، لَقِيَ اللّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ " [ أخرجه مسلم ] ، وقال رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِىءٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ ، فَقَدْ أَوْجَبَ الله لَهُ النَّارَ ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ " فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : وَإِنْ كَانَ شَيْئا يَسِيراً يَا رَسُولَ اللّه ِ؟ قَالَ : " وَإِنْ قَضِيبا مِنْ أَرَاكٍ " [ أخرجه مسلم في صحيحه ] ، فإذا كان هذا في عود مسواك ، فكيف بمن حرم الناس من الأموال ، وفصلهم من الأعمال ، لجرمه أكبر ، وعقوبته أخطر ، فتحللوا يا رعاكم الله من ظلم الناس ، قبل أن يقع الإفلاس ، فلا تنفع الآهات ولا الوسطاء ، ولا يجدي الأصدقاء ولا الأخلاء ، بل الحسنات والسيئات ، ثم طرح في جهنم وبئس القرار ، بلا شفعاء ولا أنصار ، قال الملك الجبار : { وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ } فتذكروا يوم تبعثر القبور ، ويحصّل ما في الصدور ، وعند الله تجتمع الخصوم , فيقتص من الظالم للمظلوم . أيها المسلمون : الظلم حرام ، ومن كبائر الآثام ، ومن الموبقات العظام ، حرمه الله على نفسه ، وجعله بين عباده محرماً ، فقال قولاً حكيماً : { إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } ، وقال سبحانه وتعالى : { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ } ، عن أبـي ذَرَ الغِفَارِيِّ رضي الله عنه ، عن رسولِ الله صَلَّـى الله عَلَـيْهِ وَسَلَّـمَ ، عن الله عَزَّ وَجَلَّ أنه قالَ : " إنِّـي حَرَّمْتُ الظُّلْـمَ علـى نَفْسِي ، وَجَعَلْتُهُ بَـيْنَكُمْ مُـحَرَّماً ، فلا تَظَالَـمُوا " [ أخرجه مسلم ] ، ألا وإن من أنواع الظلم ، أكل أموال الناس بغير حق ، والإساءة إليهم ، وإيذائهم والبذاذة معهم ، والتطاول عليهم ، وسبهم وقذفهم ، فذلكم ظلم كبير ، وشر مستطير ، وعدوان خطير ، صاحبه مفلس ، ظالم منتكس ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللّهَ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " أَتَدْرُونَ مَن الْمُفْلِسُ ؟ " قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ فَقَالَ : " إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي ، من يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي وقَدْ شَتَمَ هَـٰذَا ، وَقَذَفَ هَـٰذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَـٰذَا ، وَسَفَكَ دَمَ هَـٰذَا ، وَضَرَبَ هَـٰذَا ، فَيُعْطَىٰ هَـٰذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَـٰذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ ، قَبْلَ أَنْ يُقْضَىٰ مَا عَلَيْهِ ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ " [ أخرجه مسلم ] ، بارك الله لي ولكم في القرآن وآياته ، والنبي الكريم وسنته وعظاته ، أقول ما سمعتم ، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب ومعصية ، وكل إثم وخطيئة ، فاستغفروا ربكم إنه كان غفاراً . الحمد لله الذي أكمل لنا الدينَ وأتمّ علينا النعمة ، وجعل أمتنا خير أمة ، أحمده على نعمه الجمّة ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً تكون لمن اعتصم بها خيرَ عصمة ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، بعثه ربّنا إلينا فضلاً منه ومنة ، يتلو علينا آياته ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه ، واقتدى بسنته وهديه ، وسلم تسليماً كثيراً . أما بعد : فاتقوا الله أيها الناس ، فإن تقواه أقوى ظهير ، وأوفى نصير ، كلُّ أمر عليه يسير ، وكلّ شيء إليه فقير ، والأمور إليه تصير ، وهو السميع البصير ، فقد وقع على أكثر الناس ظلم كثير ، وجور كبير ، وإنَّ الله على نصرهم لقدير . أمة الإسلام : اعلموا رحمكم الله أن الله سبحانه نهى عن الظلم بجميع صوره , وأمر بمجاهدة الظالمين ، ورفع الظلم عن المظلومين , فإذا تركنا الظالم ولم نأخذ على يديه ، فقد خالفنا ما جاءت به الرسل , ونحن مهدّدون بعقوبة عامة ، وفتنة طامة , قال صلى الله عليه وسلم : " إن الناس إذا رأوا الظالم ، فلم يأخذوا على يديه ، أوشك أن يعمّهم الله بعقاب منه " [ أخرجه أبو داود والترمذي بإسناد جيد ] ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنصرة المظلوم ، فانصروه وإلا فقد حق عليكم العقاب ، قال الله الوهاب : { وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } أيها الظالم : إذا كنت قادراً على الظلم وإنفاذه ، والتعدي على المظلوم وعدم إنقاذه ، فتذكر قول الجبار : { فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلَا ضَرّاً وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } ، فعليك بالعفو ، وعدم الجفو ، واسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم : " من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه ، دعاه الله سبحانه على رؤوس الخلائق يوم القيامة ، حتى يخيره من الحور العين ما شاء " [ أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة ، وقال الألباني : حسن لغيره ] ، فاحذر أيها الظالم من التمادي في الظلم والطغيان ، فعاقبة ذلك نيران ، وحميم وقَطِرَان ، قال الواحد المنان : { يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ }. إذا ما الظلوم اتخذ الظلم مركباً وتمادى في ظلمه وقبيح اكتسابه فكله إلى الواحد الديان وعدله سيبدو له ما لم يكن في حسابه أيها المظلوم : تمسك بحبل الله العظيم ، وتذكر دعوة نبي الله إبراهيم ، حسبنا الله ونعم الوكيل ، قال الحي الجليل : { وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } ، الموضوع مليء بالأشجان ، محشو بالأحزان ، والظلم ظلمات لا ظلمان ، فتنبه أيها الإنسان ، وفيما قلت كفاية ، لمن رام الهداية ، والرحمة في النهاية ، هذا وصلوا وسلموا على النذير البشير ، والسراج المنير ، فقد أمركم بذلك الحكيم الخبير ، فقال العلي الكبير : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } ، اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبي الهدى ، والرسول المصطفى ، خير الورى ، محمد المجتبى ، وعلى آله وأصحابه مصابيح الدجى ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم آمنا في أوطاننا ودورنا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم إنا نسألك علماً نافعاً ، وعملاً صالحاً ، وقلباً ناصعاً ، ورزقاً حلالاً طيباً ، برحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى ، وخذ بناصيته للبر والتقوى ، اللهم هيئ له بطانة صالحة ناصحة ، تدله على الخير وتعينه عليه يارحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، برحمتك يا عزيز يا غفار ، عباد الله : لا تزال ألسنتكم رطبة من ذكر الله ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ، وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، ولذكر الله أكبر ، والله يعلم ما تصنعون .
| |
|