نركز كتربويين على نقاط القوة لدى التلاميذ، بهدف بناء الثقة وزرع المفهوم الإيجابي عن الذات، ولا أكثر أهمية من عملية التشجيع والتحفيز لبناء الثقة بالنفس لدى التلاميذ والتلميذات، فمن خلاله يمكننا مساعدتهم على تقبل الخطأ والتعلم منه فنطور لديهم الشجاعة لتقبل عدم الكمال.
متى يكون الثناء؟
حين يتلقى الطلبة والطالبات الثناء فإنهم يتعلمون المعنى الحقيقي للتقدير، وهذا يلامس بشكل مباشر إحساسهم بقيمتهم، ووظيفة المربين أن يشجعوا طلابهم على ازدهار هذا الشعور، دون أن يكون الطالب أو الطالبة مضطرًا لإثبات نفسه لكي نثني عليه.
كما أن من واجب التربويين أن يبدو اهتمامًا دقيقًا إلى أدق الفروق الفردية في شخصيات طلابهم، لكي يكون الثناء موجهًا إلى الصفات التي نرغب في تشجيعهم على اكتسابها، ومن خلال الثناء نستطيع أن نمرر تعليمهم ما هو مهم بالنسبة لنا بحيث نبعد عن تفكيرهم دائمًا القيم الاستهلاكية ونركز على القيم الأقل مادية، ونجعل الطالب يشعر بالسمو النفسي والأخلاقي أكثر .
كيف نمنحهم الثقة ؟
لن يتعلم الطالب والطالبة الثقة بالنفس، إذا لم نثق به أولاً. وحين نعتبر هذا الأمر قاعدة لنا في أداء عملنا مع الطلاب سنجد أن البناء الباقي لشخصياتهم سيكون أكثر يسرًا وسهولة، فمجرد الثقة بالطالب ستعطيه الفرصة من جديد للتعلم من الخطأ، وهذا يعني أنه على ثقة بأنه سيظهر ما لديه من إيجابيات لتحسين جهوده المبذولة مرة أخرى، لذا يتطلب الوضع ما يلي:
- التركيز على نقاط القوة
التي يمتلكها الطالب والانتباه إلى مقدار الجهد المبذول منه ودرجة التحسن التي أحرزها.
- من الجميل تحديد الطالب لأهداف معينة، وإعطائه الفرصة للحديث عن أهدافه، وأن يستمع إليها المعلم بإنصات ويناقشه فيها، لمعرفة طرق تفكير الطالب وتوجهاته ليسهل عليه الاقتراب منه، ومن خلالها يتمكن المعلم من تحفيزه نحو النجاح.
- يجب أن نشجع الطلاب أكثر من أن نمتدحهم، قد يقول البعض إنه لا فرق هنا، ولكن في الحقيقة أن الهدف الذي يتركه المديح مقارنة بالتشجيع مختلف، لأن المديح نوع من «الجائزة» ويعتمد على المنافسة ويقدم في حالة « الفوز» أما التشجيع فإنه تقدير الجهد المبذول والتحسن التدريجي ولو كان طفيفًا، وهو يعتمد على نواحي القوة والتميز بحيث يمكن للطالب أن يعتمد على نفسه.
- استخدام عبارات مناسبة للتشجيع مثل (أنا سعيد جدًا بالجهد الذي بذلته معي اليوم في درس النحو،لقد كانت الجمل من إنشائك في تطبيقنا هي الأفضل، أنا متأكد أن استمرارك على هذا الطريق سيجعلك متفوقًا في المادة) وحين نقول لتلميذة تعاني من الخجل أو الخوف، أو عدم القدرة على المواجهة بعد أن أشركناها في فقرة صغيرة ومناسبة لإمكاناتها في الإذاعة المدرسية (كنت مذهلة اليوم في الإذاعة، لقد أعجبني ما قرأت).
- إعطاء الطلاب الفرصة للمناقشة والسؤال، واحترام تساؤلاتهم وعدم التقليل منها مهما كانت تافهة بنظر المعلم أو بقية الرفاق في الصف، فكلما احترمنا قدرة الطالب البسيطة، ساهمنا في زيادة ثقته بنفسه ورفعنا من المفهوم الإيجابي لذاته، فسلوك الاحترام الذي يقدمه المعلم أو المعلمة، يجعل الطالب يتعلم في جو من التقدير، وسيكون الاحترام هنا هو ما سيحصل عليه المعلم من قبل طلابه .
- على المربين والمربيات الابتعاد عن أساليب الوعظ والنصح المباشر، وأن يبدو المعلم أو المعلمة كمن يعطي بيد،ويهدم بالأخرى، ومثال ذلك حين نقول للطالب هل رأيت ؟ إنك تستطيع حين تحاول..) أو في عبارة أخرى (حين تحرك مخك بالتفكير فإنك تستطيع أن تفهم) أو كعبارة (أخيرًا !!! قمت بما هو مطلوب منك).
- يجب ألا ننسى بث رسائل الاحترام للطلبة والطالبات من خلال التعامل اليومي معهم، سواء أثناء الدرس أو خارج الصف، فمبادرتنا بالسلام عليه في الساحة تعطيه مشاعر كبيرة لا يتصورها المعلم، وحين يغيب يومًا عن المدرسة فجميل من المعلم أن يبادره في حالة الحضور بالسؤال عنه، وحين نطلب منه أمرًا فجميل من المربي أن يستخدم عبارة (لو سمحت، أو من فضلك) وحين ينجز أمرًا نبادره بقول (شكرًا، جزيت خيرًا) فاستخدام العبارات اللطيفة لها أثرها دون شك على أي نفس إنسانية، فما بالنا بتأثيرها على الأطفال.
- لا أهم من أن يبتعد المربي والمعلم عن أسلوب السخرية من التلميذ، ولو كان القصد بحسن نية، وإن حدث هذا الأمر علانية فلا أفضل من الاعتذار له علانية أيضًا, فقبول الطالب كما هو لا كما يجب أن يكون هي مبدأ يجب احترامه معهم.
- الابتعاد عن المقارنة بين الطلبة والطالبات، فكل له قدراته التي يجب أن تحترم وتراعى، فحين أشجع أحدهم فلا يعني الأمر أن أقلل من قيمة الآخرين، وحين أرغب في تحسين حالة طالب دراسيًا لا ينبغي أن أقول له (لماذا لا تصبح مثل فلان) أو أن أقول (كان أخيك من أفضل الطلاب لدينا في الأعوام الماضية، لماذا لا تصبح مثله؟).
- لنتذكر دائمًا: أن الطلاب إذا تلقوا تعليمهم في محيط الخوف سيتعلمون القلق، وإذا تلقوه في محيط السخرية سيتعلمون الخجل، وفي محيط النقد سيتعلمون الكراهية، وفي محيط التشجيع سيتعلمون الثقة، وفي محيط الاستحسان سيتعلمون قبول أنفسهم، وفي محيط الاحترام ستعلمون كيف يحترمون، لذا علينا أن نكون معهم دائمًا ليكتشفوا أنفسهم.
وللوالدين دور أيضًا ..
حذار من أن يصل إلى أطفالكم شعور بعدم محبتكم لهم إلا في حالة تفوقهم أو نجاحهم، بمعنى أن يكون الحب مشروطًا بنظرهم، فالحاجة إلى الحب هي أعظم الحاجات النفسية الأساسية لنمو الطفل وصحته النفسية، وحب الوالدين أمر يجب ألا يقبل المساومة عليه بثمن. ومن أجمل الأمور التي تحدث لأطفالكم أن تتحدثوا معهم عن تجاربكم الناجحة والفاشلة أيضًا، فمنها سيتعلمون أنكم مررتم بما يمرون به، وأن هناك مصاعب تم اجتيازها للوصول إلى الهدف المنشود.
وليتذكر الوالدين أن الأطفال يتأثرون بآبائهم، فقدوة الطفل الأولى والديه، وحين نظهر احترامنا كآباء لقيم حياتية كثيرة كقيمة العلم والعمل واحترام الغير وتقدير الأسرة والاهتمام بها، فسيدفعهم الأمر إلى تبني هذه القيم بإصرار والثبات عليها.