حكم الإيمان بالرسل وأدلته الإيمان برسل الله تعالى واجب من واجبات هذا الدين وركن عظيم من أركان الإيمان. وقد دلت على ذلك الأدلة من الكتاب والسنة.
قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [البقرة: 285] (البقرة: 285) . فذكر الله تعالى الإيمان بالرسل في جملة ما آمن به الرسول والمؤمنون، من أركان الإيمان. وبين أنهم في إيمانهم بالرسل لا يفرقون بينهم فيؤمنوا ببعضهم دون بعض، بل يصدقون بهم جميعًا.
وقد بين الله في كتابه حكم من ترك الإيمان بالرسل. فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا - أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} [النساء: 150 - 151] (النساء: 150، 151) . فأطلق الكفر على من كذب بالرسل أو فرق بينهم بالإيمان ببعضهم والكفر ببعضهم. ثم قرر أن هؤلاء هم الكافرون حقًّا أي الذين تحقق كفرهم وتقرر صراحة.
كما بين الله في مقابل ذلك في السياق نفسه ما عليه أهل الإيمان من ذلك فقال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 152] (النساء: 152) . فوصفهم بالإيمان بالله ورسله كلهم من غير تفريق بين الرسل في الإيمان ببعضهم دونبعض وإنما يعتقدون أنهم مرسلون من الله تعالى.
وأما السنة فدلت كذلك على ما دل عليه الكتاب من أن الإيمان بالرسل ركن من أركان الإيمان وقد دَلّ على ذلك حديث جبريل المتقدم بنصه في مبحث " الإيمان بالملائكة " وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب لما سأله جبريل عليه السلام عن الإيمان فقال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر» . . .) (1) الحديث. فذكر الإيمان بالرسل مع بقية أركان الإيمان الأخرى الواجب على المسلم تحقيقها واعتقادها.
وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في التهجد عند قيام الليل أنه كان يقول: «اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض، ولك الحمد أنت قيم السماوات والأرض، ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن، أنت الحق، ووعدك الحق، وقولك الحق، ولقاؤك الحق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، والساعة حق» . . .) (2) .
فشهادة النبي صلى الله عليه وسلم أن النبيين حق ضمن ما ذكر من أصول الإيمان العظيمة كالإيمان بالله وبوجود الجنة والنار وقيام الساعة وتقديمه ذلك بين يدي دعائه وقيامه دليل على أهمية الإيمان بالرسل والأنبياء ومكانته في الدين.
فتقرر وجوب الإيمان بالرسل وأنه من أعظم دعائم هذا الدين ومن أكبر خصال الإيمان وأن من كذب بالرسل أو بأحد منهم فإنه كافر بالله العظيم كفرًا صريحًا بجحده هذا الركن العظيم من أركان الإيمان.ثمرات الإيمان بالرسل: إذا تحقق الإيمان بالرسل ترك آثاره الطيبة وثماره اليانعة على المؤمن فمن ذلك:
1 - العلم برحمة الله تعالى وعنايته بخلقه حيث أرسل إليهم أولئك الرسل الكرام للهداية والإرشاد.
2 - شكر الله على هذه النعمة الكبرى.
3 - محبة الرسل وتوقيرهم والثناء عليهم بما يليق بهم لأنهم رسل الله تعالى وخلاصة عبيده، ولما قاموا به من تبليغ رسالة الله لخلقه وكمال نصحهم لأقوامهم وصبرهم على أذاهم.