المسجد النبـــوي
المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، هو أحد المساجد الثلاثة التي قال النبي (صل الله عليه وسلم) إنها المساجد التي تشدّ الرحال إليها، وذلك بقوله : «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، مسجدي هذا والمسجد الأقصى والمسجد الحرام» (صدق رسول الله).
وهو المسجد الذي أسس بنيانه النبي الكريم وشيده يداً بيد مع المسلمين، وهو مركز الدعوة الأولى إلى الله تعالى و«المدرسة الأولى» في الإسلام.
وفيه المحراب والمنبر والأساطين، وأيضاً من الأماكن المفضلة الحجرة النبوية الشريفة، وهي الحجرة التي سكنها النبي الكريم وأزواجه المطهرات وتقع الحجرة بجوار مسجده وفيها قبره (عليه الصلاة والسلام) وقبر أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب (رضي الله عنهما).
أُمِر الرسول (صل الله عليه وسلم) بالهجرة إلى المدينة المنورة، وعند قدومه من مكة نزل عليه في قباء ـ وكانت من ضواحي المدينة وهي الآن إحدى أحيائها ـ وأقام بها بضعة أيام وبنى مسجد قباء، وهو أول مسجد أسس على التقوى. ولقد أمر الرسول عمار بن ياسر (رضي الله عنهما) ببنائه، ثم توجه إلى المدينة المنورة وكان الأنصار يعترضون ناقته ويمسكون بزمامها، وكلٌ منهم يريد أن يتشرف بنزوله عنده، فيقول لهم الرسول (صل الله عليه وسلم) «خلوا سبيلها فإنها مأمورة»، حتى بركت الناقة في مربد لغلامين يتيمين من الأنصار هما سهل وسهيل، فطلب الرسول منهما أن يشتري المربد ليبني فيه مسجده فقالا: «بل نهبه لك يا رسول الله...»، فأبى عليه الصلاة والسلام إلا أن يبتاعه منهما فدفع لهما ثمن المربد عشرة دنانير.
وبعدها شرع النبي في بناء مسجده، وكان في المربد نخل وشجر وخرب، فأمر أصحابه بإصلاح المكان وتجهيزه فقطع النخل وسويت الأرض، وبدأ الرسول الكريم مع أصحابه في بنائه ويعمل معهم بيده الشريفة، فينقل الحجارة ويحمل اللبن بنفسه وهم يرتجزون فيرتجز معهم ويردد : اللهم إن العيش عيش الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة وقد جعل أساس المسجد من الحجارة وبعمق ثلاثة أذرع تقريباً.
وبنى حيطانه من اللبن، وأعمدته من جزوع النخل وسقفه من الجريد وترك وسطه رحبة وكانت القبلة أول بنائه باتجاه بيت المقدس. وعندما أسس النبي (صل الله عليه وسلم) مسجده الشريف جعل له ثلاثة أبواب : باباً في الجنوب حين كانت القبلة إلى بيت المقدس شمالا. وباباً في الشرق ويسمى باب النبي، وباب عثمان أيضا، ثم اشتهر بعد ذلك بباب جبريل. والباب الثالث في الغرب وعرف بباب عاتكة (وهي عاتكة بنت عبد الله بن يزيد بن معاوية) لقربه من بيتها، وهو يُعرف اليوم بباب الرحمة .
وحين تحولّت القبلة إلى مكة المكرمة، فتح باب في الجهة الشمالية وأغلق الباب الجنوبي، وكانت أول صلاة صلاها النبي (صلى الله عليه وسلم) بعد تحويل القبلة هي صلاة العصر. وبعد عودته من غزوة خيبر سنة 7 هـ، وكان المسجد قد ضاق بالمصلين زاد في مساحة المسجد من جهة الشرق والغرب والشمال ليصبح شكل المسجد مربعاً، وطول ضلعه 100 ذراع. بعد ذلك زاد الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في توسعته ثلاثة أبواب أخرى، فصارت الأبواب ستة؛ اثنان في الجهة الشرقية هما: باب جبريل، وباب النساء. وسمي الثاني بذلك لقول عمر (رضي الله عنه): «لو تركتم هذا الباب للنساء». وآخران في الجهة الغربية هما: باب الرحمة وباب السلام. ولكن في عهد الخليفة المهدي العباسي (161- 165هـ) ارتفع عدد الأبواب في توسعة الحرم إلى 24 بابا: ثمانية في الجهة الشرقية، وثمانية في الجهة الغربية، وأربعة في الجهة الشمالية، وأربعة في الجهة الجنوبية.
__________________