أظهر العلماء دهشتهم أمام هذه الحشرة العجيبة التي تتخفى بشكل ذكي أثناء حركتها لتخدع الفريسة.... في بحث نشرته مجلة "الطبيعة" العلمية، يقول العلماء إن ذكور اليعسوب برعت في فنّ التمويه أثناء تحركها. ويؤكد البروفسور "ايكيكو ميزوتاني" من الجامعة الأسترالية الوطنية أن تطبيق هذا الأسلوب المعقد من قبل أقدم كائن مفترس قادر على الطيران يخدع شبكية عين الضحية بحيث ترى صيادها ساكناً على الرغم من أنه يندفع بسرعة كبيرة لملاحقتها!!
تتميز حشرة اليعسوب بتصميم خارق للجناحين والجسم بحث يكون لديها حرية كبيرة في المناورة والطيران وسلوك طريق محددة، وتأمين مراقبة الفريسة والانقضاض عليها.
تحقّق حشرات اليعسوب هذا التمويه الحركي بتعديل مكانها بحيث تحتل دائماً ذات البقعة في شبكية عين ضحيتها فتبدو ساكنة بينما هي تتحرك في واقع الأمر. ويؤكد العلماء أن هذا الأسلوب غريب جداً حيث إنه يتطلب عمليات معقدة جداً!
يمارس اليعسوب حركة سريعة جداً ومعقدة وغير مرئية بالنسبة للفريسة، وينقض عليها انقضاضاً.
استخدم العالم "ميزوتاني" وفريقه أجهزة تصوير يمكنها تحديد موقع أي جسم في شكل ثلاثي الأبعاد لتسجيل حركة اليعسوب. وتبين لهم بعد دراسة طويلة أن هذه الحشرة لديها خطط ذكية قادرة على تنسيق حركة أجنحتها وموضع جسدها أثناء الطيران بشكل يجعل الفريسة تظن أن اليعسوب ثابت ولن يهاجمها!
لولا هذا الأسلوب الذكي في التمويه والتخفي، لما تمكنت هذه الحشرة من اصطياد الحشرات الأصغر وماتت جوعاً، ولكن الله تعالى لم ينسَ أحداً من مخلوقاته، فهيَّأ لها سبلاً للعيش واستمرار الحياة، هذا الإله العظيم: هل يعجز عن تأمين الرزق لمؤمن يقول: يا رب!!
تتضمن الخدعة تحكماً دقيقاً جداً في الطيران واستشعار المواقع. ويقول العلماء إن دماغ اليعسوب صغير جداً نسبة إلى حجم العمليات الحسابية التي يقوم بها لإظهار نفسه وكأنه ثابت أمام عين الفريسة، مع أنه يتحرك حركة سريعة وفي الاتجاهات الثلاثة. هذه الحشرات الذكية لها أعين كبيرة جداً وتغطي معظم الرأس، ولولا هذا التصميم الخارق لما أمكن لهذه الحشرة تأمين رزقها ورزق ذريتها ولانقرضت منذ ملايين السنين!
لقد استوحى الإنسان معظم اختراعاته من عالم الطبيعة من حوله، والحقيقة اختراع الطائرة لم يكن سوى محاكاة للطيور، واختراع الطائرات الحربية لم يكن سوى محاكاة للحشرات. ولكن هذه الحشرة تعمل بكفاءة أعلى بكثير من أحدث طائرة تم اختراعها حتى الآن!
يقول العلماء إنهم ليسوا متأكدين بعد من كيفية تمكّن حشرات اليعسوب من أداء هذه الخدعة. فلا يمكن لهذه الحشرة أن تتعلم مثل هذه التقنيات بمفردها أو من خلال المراقبة، إنما هناك برنامج ذكي موجود في مورثاتها داخل خلايا جسدها يرشدها للقيام بذلك.
انظروا معي إلى هذا التصميم الرائع والمعقد لأجنحة اليعسوب، إنها دقة فائقة يعجز البشر عن تقليدها، فإذا كان الملحدون – على الرغم من تطورهم العلمي وذكائهم - عاجزين عن تفسير أو فهم آلية عمل هذه الحشرة وكيف تشكلت أجنحتها وكيف تقوم بعملها... فكيف يدّعون أنها وُجدت من دون خالق عليم حكيم؟
ونقول يا أحبتي: ألا تدعونا مثل هذه الظاهرة للتفكر في خلق الله تعالى؟ إلا نأخذ درساً من هذه الحشرة لندرك ضعف معلوماتنا وقدراتنا أمامها؟ ألا نرى دليلاً على عظمة الخالق تبارك وتعالى وقدرته في خلقه؟ وسبحان الله! نجد من يقول إن هذه الحشرة وُجدت بالمصادفة وتعلمت بالمصادفة وتطورت بالمصادفة... وينسون أن الله تعالى هو القائل: (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) [الرعد: 16]، لذلك لا نملك إلا أن نقول كما قال تعالى: (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)[لقمان: 11].