لا شك أن الإنسان جزء من هذا الكون ولكنه جزء له موقع خاص من بين أجزاء هذا الكون لذلك كانت صلة الإنسان بهذا الكون كما يصفها القرآن كما يلي :
أولاً ـ صلة الاستثمار والانتفاع والتسخير لمصالحه:
وهذا واضح في آيات كثيرة في القرآن فلا يذكر القرآن جزءاً من أجزاء الكون إلا ويشير إلى ما فيه من منافع للإنسان.
فوصف الله الأنعام بقوله : { وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ(72) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ(73) } يس~ .
ووصف البحر بقوله : { وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(14) } النحل .
ووصف الماء والنبات بقوله : { هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ(10) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(11) } النحل .
والأرض بما فيها مذللة للإنسان كما يشير إليه قوله تعالى : { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ(15) } الملك .
بل الكون كله مسخر للإنسان فقال تعالى : { أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } لقمان .
ثانياً ـ صلة الاعتبار والتأمل والتفكر في الكون وما فيه :
وهو الجانب الثاني من صلة الإنسان بالكون . والقرآن يفتح عين الإنسان إلى ما حوله من مشاهد وآفاق ويدعوه إلى التأمل فيها والنظر إليها وملاحظتها والتفكير فيها .
فقال تعالى : { أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ } الأعراف .185
وفي آية أخرى يقول : { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(13) } الجاثية.
ويقول أيضاً : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ(27) } السجدة .
وغيرها من الآيات التي تدعو الإنسان إلى التأمل والتفكر بما في هذا الكون ليصل في نهاية الأمر إلى أن لهذا الكون خالق ومدبر وهو الله عز وجل .